وكتبوا الكتاب ودفن الناس قتلاهم وانصرف [أهل العراق] (1) متباغضين متعادين يشتم بعضهم بعضا بعد أن كانوا إخوانا.
ثم وجه معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من أهل الشام إلى دومة الجندل.
وبعث علي أربعمائة رجل عليهم شريح بن هانئ وبعث معهم عبد الله بن عباس على الصلاة ومعهم أبو موسى.
وما فعل علي أيضا من تأميره لشريح على الجند، وبعثه ابن عباس على الصلاة، والنظر في أمور الناس دليل على ما قلنا [ه] من أنه لم يرض بحكم أبي موسى وتوليته في حال من الحال [كذا].
وإنما ولى ابن عباس الصلاة لئلا يصلي بهم أبو موسى، فهذا يدل على أن بعثة أبي موسى إنما كانت من قبل أهل اليمن ومن تابعهم فتركهم على ذلك لما ذكرنا [ه] من الانتشار وقلة موافقيه.
فلما اجتمع أبو موسى وعمرو بن العاص ترك النظر في الكتاب وما بعث له، وجلس مع عمرو يعمل الرأي والهوى فأداره عمرو على أن يجعل الأمر لابنه عبد الله بن عمرو، وأداره هو لعبد الله بن عمر، وقال له: هل لك أن نحيي بذلك [سنة عمر ونولي ابن] عمر؟! فأبى ذلك عليه عمرو، وقال: هو ضعيف وهذا الأمر لا يصلحه إلا رجل له ضرس يأكل ويطعم، فلما أبى كل واحد منهما على صاحبه رأيه قال له أبو موسى: فأشر رأيك (2) فقال له عمرو: أرى أن نخلع / 59 / هذين الرجلين