وواسط، كما حكم صلى الله عليه وسلم في وقت صلاة الظهر أن أوله أن يكون ظل كل شئ مثله، وآخره أن يكون ظل كل شئ مثليه، وقال صل الله عليه وسلم: ما بين هذين وقت لأمتي. وكذلك ما وقت في صلاة العصر على هذا المثال.
قلنا: فقد أبان الله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن جميع المؤمنين في عقله فجعله أول الناس بلوغا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاما، وكان في سن الأطفال، وعقول البالغين، فبان عقله وتقدم في إسلامه وتكليفه.
وأنتم قد تعلمون أن منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في البلوغ / 19 / والعقل ليست كمنزلة الخلق، كذلك كان في صغر سنه يعرف بالوقار والحلم والوفاء والصدق والرجاحة في علمه.
[وإنما أطلنا الكلام] ليعلموا أن حكم البلوغ يختلف، وأن الناس يتفاضلون فيه، فمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم لم يلحقها أحد، ومنزلة علي دونها لم يلحقها أحد. ليعلموا أن أموره عند الفكرة فيها والاستنباط لها منزلة على البينونة من الناس والقرب من النبي صلى الله عليه وسلم لذلك استحق أن يكون منه بمنزلة هارون من موسى - صلوات الله على محمد وعلى من تقدمه من الأنبياء - وقد رويتم أنه اصطفاه لإخوته، وقال:
علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (1).
وقد رويتم ما قلنا [ه] في الأثر: ذكروا أن عليا دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة يصليان، فلما فرغ قال له علي: ما هذا الذي رأيتك فعلت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا دين الله - يا علي - الذي بعثني به فأدخل فيه. فقال له علي بن أبي طالب: انظرني حتى أتفكر فيه الليلة.