والمعصية، إنما يقع على العقلاء البالغين دون الأطفال [والمجانين] (1).
وحجة [أخرى] أيضا: إن الله لم يرسل رسولا إلى الأطفال والمجانين، فلما رأيناه قد قصد صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب فدعاه إلى الإسلام، وأمره بالإيمان وبدأ به قبل الخلق علمنا أنه عاقل بالغ، وأن الأمر له لازم.
فإن قالوا: وما تنكرون أن يكون ذلك منه بالتأديب كما يكون / 18 / ذلك منا إلى أطفالنا على جهة التعليم.
قلنا: ذلك من قولكم غير جائز وإنما ذلك يكون منا عند تمكن الإسلام بأهله وعند ظهوره والنشوء والولادة عليه، فأما في دار الشرك والحرب فليس يجوز ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليدع ما أرسل به ويقصد إلى دعاء الأطفال والدار دار شرك وكفر، فيشتغل بالتطوع قبل أداء الفرض [و] ذلك عنه منفر صلى الله عليه وسلم.
وما باله لم يدع طفلا غير علي بن أبي طالب؟! وليس في السنة أن يدعى أطفال المشركين إلى الإسلام، ويفرق بينهم وبين آبائهم قبل أن يبلغوا الحلم.
وحجة [أخرى] أيضا. إن منزلة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في بدء الدعوة منزلة ضيق ووحدة وغربة وشدة، وهذه منازل لا ينتقل إليها إلا من قد تمكن الإسلام عنده بحجته، ودخل اليقين قلبه بالعلم والمعرفة، وشأن الطفل اتباع أهله، وتقليد قرابته، والمضي على منشئه ومولده، وأن لا يدخل فيما تزعجه المعرفة، وتميل إليه النفس باليقين والعلم والعاقبة (2).