لما اتفقا في ندبة القتال فقاتل أحدهما ولم يقاتل الآخر كان صاحب القتال أفضل.
فهذا في الحجة مؤكد لما تقدم، وعلى مثال ما قلنا، بل أدل وأبين وقد استوت حاله فيما يمكن به القتال مع وجوب الأمر عليهما، ففضل من أقدم عن منزلة من منزلة من أنفق إذ كان معدما والآخر موجدا فقد استوت حالهما في الأمر في القتال وقد مكنا، واختلفت حالهما في المال في العدم والوجود، فالذي قاتل قد فضل على من لم يقاتل إذ كانا جميعا قد ندبا إلى القتال ولم يكونا جميعا مندوبين إلى الإنفاق، فلم يفضل من أنفق على من لم ينفق، إذ لم يكن [الإنفاق] مأمورا به.
فتفهموا ما قلنا، والطفوا في النظر فما بقيت لكم غاية في النقض إلا وقد ذكرتها فصرت من المسألة إلى آخرها وحد الكلام فيها ولم أغتنم تقصيركم عن غايتها وعجزكم عن القيام بها وتوليت من أموركم كلما سبق إلى قلبي أنه يجري في عللكم وألزمت نفسي الصدق فيما لي ولكم، وجانبت الهوى في الميل عليكم ففعلت ذلك لخلال.
أولها: أداء ما يجب لله [علي] من المبالغة في الطلب والاجتهاد في النظر.
والثانية: لأن ينقطع العلل والقال ممن يدعي النظر فلا يقول: أغفل وقصر.