أن يبتديه بالخذلان والشر، وينقله أن لو بقي من الإيمان إلى الكفر. على أنه لو كان ممن يزداد على البقاء طاعة وفضلا ثم لم يبلغه لم تكن منزلته منزلة من بقي حتى فعله وناله، وليس بجائز أن يكون فاضلا بما لم يفعله ولم يبق إليه، فلأمر ما دفع الله / 74 / عن علي ابن أبي طالب ووقاه بلطفه من تلك المحن، وصرف عنه تلك المصائب حتى خلصت له سوابق المهاجرين الأولين وآثار السابقين، وأكمل الله له فضائل التابعين، فأعز الله به الدين في الأول والآخر هاديا مهديا طاهرا زكيا.
ففي فضل هذا يقصر؟ ومثل علي بن أبي طالب يؤخر؟ وعليه يقدم؟
فوالله لو ترك الهوى والتعصب، وأعمل الإنصاف والنظر لم يخف على طالب فضل علي بن أبي طالب على البشر.
ووالله لو ترك الهوى من لم ينظر، وقلد الحبر لم يقدم [أحد] على علي بن أبي طالب، لكثرة مناقبه المشهورة في الحديث والأثر.
أوليس من العجب أن لا يعلم تقدمه على البشر بمؤاخات رسول الله إياه دون الناس؟
أيظنون أن رسول الله عليه السلام أخر لنفسه من لا يقرب من منزلته؟ وقصر في الاختيار؟!
بأي الوجهين كان؟ إما بالبعد وإما بالغفلة إذا اصطفى لنفسه من غيره أولى به منه، وأفضل عند الله ممن اختاره؟!
وكيف لا يقنع الناظرون بهذه الجملة، ولا إشكال فيها ولا شبهة، ويكلفوننا تفسير ذلك الجواب والمسألة ليكشف لهم أن أخوة النبي عليه السلام لعلي بن أبي طالب كانت لفضله على غيره، وأن منزلته عنده منزلة هارون من موسى ليس على التقديم له.
ما أوضح خطأ من كلفنا الجواب في هذا والمسألة [واضحة] قد فرغته الأخبار و [كشفها من] التمس علم الآثار (1).