المعيار والموازنة - أبو جعفر الإسكافي - الصفحة ٢٤٩
أن فيها جوهرا، فكسر الخاتم ثم صب الماء (1) في القدح، فإذا سويق فشرب، ثم سقاني ولم أصبر أن قلت: يا أمير المؤمنين أبالعراق تصنع هذا؟ العراق أكثر خيرا وأكثر طعاما؟! فقال لي: إني لست لشئ أحفظ مني لما ترى إذا خرج عطائي ابتعت منه ما يكفيني، وأكره أن يفنى فيزاد فيه من غيره، وأكره أن أدخل بطني إلا طيبا ثم أمر بها فختمت ثم رفعت.
ثم أقبل علي فقال: إني لم أقل لك الذي قلت بين يدي أهل الأرض، إلا أنهم قوم خدع / 73 / فإذا قدمت على القوم (2) فانظر ما أمرك به، فإن خالفتني وأخذك الله به دوني (3) وإن بلغني خلاف ما آمرك به عزلتك إن شاء الله إذا قدمت على القوم فلا تبغين فيهم كسوة شتاء ولا صيف، ولا درهما ولا دابة، ولا تضربن رجلا سوطا لمكان درهم ولا تقمه على رجليه (4).
قال: قلت: يا أمير المؤمنين إذن أرجع كما ذهبت؟ قال: وإن رجعت فإنا لم نؤمر أن نأخذ منهم إلا العفو (5).
قال: فرجعت فما بقي علي درهم إلا أديته.

(1) وقد شطب في أصلي على لفظ: " الماء " ولكن الظاهر أنه سهو من الكاتب. وفي تاريخ دمشق: للحافظ ابن عساكر: من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام: " فكسر الخاتم فإذا فيها سويق، فأخرج منه وصب في القدح، فصب عليه ماءا فشرب وسقاني... ".
(2) هذا هو الظاهر، وفي أصلي: " فإذا قدمت على القوم - فلا خير فيهم - فانظر ما أمرك به " ولكن كاتب الأصل كان قد شطب على لفظي: " فلا خير " دون لفظة: " فيهم ".
(3) كذا في الأصل، وفي تاريخ دمشق: " ولكني آمرك الآن بما تأخذهم به، فإن أنت فعلت وإلا أخذك الله به دوني.. ".
(4) كذا في أصلي، غير أنه كان فيه: " كسوة شتى... ".
وفي ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: " فلا تبيعن لهم رزقا يأكلونه، ولا كسوة شتاء ولا صيف، ولا تضربن رجلا منهم سوطا في طلب درهم، ولا تقمه [ظ] في طلب درهم فإنا لم نؤمر بذلك.
ولا تبيعن لهم دابة يعملون عليها إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو ".
(5) أي الفاضل عما يحتاجون إليه في شؤوناتهم وجهات معيشتهم وحياتهم، والظاهر أن هذا هو المراد في قوله تعالى في الآية: (219) من سورة البقرة: " ويسألونك ماذا ينفقون؟ قل: العفو ".
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست