المعيار والموازنة - أبو جعفر الإسكافي - الصفحة ٢٥٢
ويقتدي به المؤمن.
وكان إذا ورد عليه المال يقول: أيها الناس هلموا إلى مالكم فخذوه، فإنما أنا لكم خازن.
ثم يقسمه على الأحمر والأسود حتى لا يبقى شئ.
ولقد بلغني أنه كان يقسم بين المسلمين الابزار يصرها لهم صررا (1).
فهذه منازله في زهده، وسيرته في عدله، وما لم يذكر من أموره أكثر وأشهر.
فهل تذكرون لأحد ممن قدمتموه عليه مثل ما ذكرنا [ه] عنه؟ فعمر وإن كان زاهدا فلم يبلغ هذه الغاية، ولم يصر إلى هذه المنزلة، وقد قسم على غير السوية، وعزم في مرضه على السوية، وكان عليه دين فادح.
و [أما] أبو بكر فلم يمتحن بكثرة الأموال، ولم يظهر منه هذه السير والأحكام.
فإن قال قائل: إنما شاع ذلك من فعل علي بن أبي طالب لأنه عمر وبقي فظهرت منه هذه السير والمناقب، وأبو بكر لم يعمر ولم يبق.
قلت: القائل هذا إن كان معتزليا عدليا [نقول له:] ليس لما قلتم معنى يجوز في مقالك، والذي تعلقت به فاسد عندك لأن من قولك: إن الله لا يخترم عبدا يعلم أنه يزداد عند البقاء خيرا، ولا يقطعه عن أمر يعلم أنه لو بلغ إليه شرفت حاله وأضعفت طاعته، فما قلت ناقض لقولك.
وإن كان قائل هذا مجبرا فالحجة عليه قائمة لأنه لا يدري أن لو بقي في أي المنزلتين كانت تكون حاله، ولا يدري لعله لو بقي لكفر!!! لأنه جائز في عدل الله عنده

(1) كذا.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست