والنبي عليه السلام يقول له: يا علي لأن تستنقذ نفسا من ضلالتها خير لك من الدنيا وما طلعت عليه الشمس (1).
وتعلمون أن عليا لو أصيب في تقدمه لم يعرف أحد سنة الموادعة وجواز الحكومة، ولكانت تلك شبهة باقية في الناس إلى يوم القيامة لا يهتدي إلى الحجة فيها ولا يقدر أحد أن يبين (2) فيها ما أبان من سبيلها مع استنقاذه اثني عشر ألفا من ضلالة قد كانت شملتهم، وحيرة قد كانت ركبتهم، فلا شك أن ما فعل من ذلك أولى بالصواب، وأرجح في الدين وأرضى لله وأبعد من الخطأ في حكمه.
فدخلت الخوارج الكوفة وأقبل عليهم صعصعة بن صوحان فقال: أنشدكم الله أن تكونوا بعد اليوم عارا على من يقرأ القرآن.
ثم إن عليا أمر بالمسير إلى أهل الشام وفي ذلك يقول شاعرهم:
أيها الشامتون إن عليا * لم يحكم في دينه مخلوقا إنما حكم القرآن وقد كان * بتحكيمه القرآن خليقا أعلم الناس بالكتاب وبالسنة * والله يلهم التوفيقا حاكم القوم في الحروب إلى الله * و [هو] فيها مهاجرا صديقا فهذه محنته وسيرته في حروبه [و] قد بان بها من الخليفة أجمع وتقدم فيها على من صام وصلى لا يقدرون أن يدعوا ما اتفق منها لأبي بكر أكثرية ما يدعونه لأبي بكر محنته أيام الردة، أين قيامه بالردة وهي مكشوفة ظاهرة ومحنة القوم جميعا فيها واحدة من محنة علي بعائشة، وقد شبهت الأمور وأطاعها الناس، ومحنته بالزبير