أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له حيي بلغنا أنك أنزل عليك ألم فأنشدك الله أأنزلت عليك؟ قال نعم. قال إن كان ذلك حقا فإني أعلم مدة ملك أمتك هي إحدى وسبعون سنة فهل أنزل عليك غيرها؟
قال نعم المص، قال فهذه أكثر هي إحدى وستون ومائة فهل أنزل عليك غيرها؟ قال نعم المر، قال هذه أكثر هي مائتان وإحدى وثلاثون سنة فهل من غيرها، قال نعم المر، قال هذه أكثر هي مائتان وإحدى وسبعون سنة ولقد اختلط علينا فلا ندري أبكثيره لأنه نأخذ أم بقليله ونحن ممن لا يؤمن بهذا، فأنزل الله هذه الآية قوله تعالى: * (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) * قاله الخازن في تفسيره:
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: وقد اختلفوا في المحكم والمتشابه، فروى عن السلف عبارات كثيرة، وأحسن ما قيل فيه هو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار حيث قال: منه آيات محكمات فهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه. قال والمتشابهات في الصدق ليس لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام لا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق، ولهذا قال تعالى * (فأما الذين في قلوبهم زيغ) * أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل * (فيتبعون ما تشابه منه) * أي إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم ولهذا قال تعالى * (ابتغاء الفتنة) * أي الإضلال لأتباعهم، أما إنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم لا لهم كما قالوا: احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وتركوا الاحتجاج بقوله * (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه) * وبقوله * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله تعالى وعبد ورسول من رسل الله انتهى.
* (فأما الذين في قلوبهم زيغ) * أي ميل عن الحق. قال الإمام الراغب في مفردات القرآن الزيغ الميل عن الاستقامة إلى أحد الجانبين انتهى. واختلفوا في المشار إليهم فقيل هم وفد نجران الذين خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيسى عليه السلام وقالوا ألست تزعم أن عيسى روح الله وكلمته؟ قال بلى، قالوا حسبنا فأنزل الله هذه الآية. وقيل هم اليهود لأنهم طلبوا معرفة مدة بقاء هذه الأمة واستخرجه بحساب الجمل من الحروف المقطعة في أوائل السور. وقيل هم المنافقون. قاله الخازن.
* (فيتبعون ما تشابه منه) * أي يحيلون المحكم على المتشابه والمتشابه على المحكم، وهذه الآية تعم كل طائفة من الطوائف الخارجة عن الحق من طوائف البدعة، فإنهم يتلاعبون