وقيل إنهم يكونون في زمان واحد يفترق الناس عليهم.
وقال التوربشتي: السبيل في هذا الحديث وما يعتقبه في هذا المعنى أن يحمل على المقسطين منهم فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة، ولا يلزم أن يكونوا على الولاء، وأن قدر أنهم على الولاء فإن المراد منه المسمون بها على المجاز كذا في المرقاة.
وقال النووي في شرح مسلم: قال القاضي قد توجه هنا سؤالان أحدهما أنه قد جاء في الحديث الآخر: " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا " وهذا مخالف لحديث اثني عشر خليفة، فإنه لم يكن في ثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة، والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي.
قال والجواب عن هذا أن المراد في حديث الخلافة ثلاثون سنة خلافة النبوة وقد جاء مفسرا في بعض الروايات: " خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا ". ولم يشترط هذا في الاثني عشر:
والسؤال الثاني أنه قد ولى أكثر من هذا العدد. قال وهذا اعتراض باطل لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل لا يلي إلا اثنا عشر خليفة وإنما قال يلي وقد ولى هذا العدد ولا يضر كونه وجد بعدهم غيرهم انتهى.
قال هذا إن جعل المراد باللفظ كل وال ويحتمل أن يكون المراد مستحقي الخلافة العادلين، وقد مضى منهم من علم، ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة انتهى.
وقال الشيخ الأجل ولي الله المحدث في قرة العينين في تفضيل الشيخين: وقد استشكل في حديث: " لا يزال هذا الدين ظاهرا إلى أن يبعث الله اثني عشر خليفة كلهم من قريش " ووجه الاستشكال أن هذا الحديث ناظر إلى مذهب الاثنا عشرية الذين أثبتوا اثني عشر إماما، والأصل إن كلامه صلى الله عليه وسلم بمنزلة القرآن يفسر بعضه بعضا، فقد ثبت من حديث عبد الله بن مسعود " تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين سنة أو ست وثلاثين سنة فإن يهلكوا فسبيل من قد هلك وإن يقم لهم دينهم يقم سبعين سنة مما مضى " وقد وقعت أغلاط كثيرة في بيان معنى هذا الحديث، ونحن نقول ما فهمناه على وجه التحقيق أن ابتداء هذه المدة من ابتداء الجهاد في السنة الثانية من الهجرة، ومعنى فإن يهلكوا ليس على سبيل الشك والترتيب بل بيان أنها تقع وقائع عظيمة يرى نظرا إلى القرائن الظاهرة أن أمر الإسلام قد اضمحل وشوكة الإسلام وانتظام الجهاد قد انقطع، ثم يظهر الله تعالى ما ينتظم به أمر الخلافة والإسلام وإلى سبعين سنة لا يزال هذا الإنتظام، وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ففي سنة خمس وثلاثين من ابتداء الجهاد وقعت حادثة قتل ذي النورين وتفرق المسلمين، وأيضا في سنة ست وثلاثين وقعة الجمل وصفين