أعلى وإلى محاذاة الرؤوس في مجراها أقرب كان الظل أقصر، وكلما كانت أخفض ومن محاذاة الرؤوس أبعد كان الظل أطول، ولذلك ظلال الشتاء تراها أبدا أطول من ظلال الصيف في كل مكان، وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة وهما من الإقليم الثاني، ويذكرون أن الظل فيهما في أول الصيف في شهر آذار ثلاثة أقدام وشئ، ويشبه أن تكون صلاته عليه السلام إذا اشتد الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله، فيكون الظل عند ذلك خمسة أقدام، وأما الظل في الشتاء فإنهم يذكرون أنه في تشرين الأول خمسة أقدام أو خمسة أقدام وشئ وفي الكانون سبعة أقدام أو سبعة أقدام وشئ، فقول ابن مسعود ينزل على هذا التقدير في ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم والبلدان التي هي خارجة عن الإقليم الثاني. انتهى. قال السيوطي في مرقاة الصعود: قال ولي الدين هذه الأقدام هي قدم كل انسان بقدر قامته. قلت: ضابط ما يعرف به زوال كل بلد أن يدق وتدفئ حائط أو خشبة موازيا للقطب يمانيا أو شماليا فينظر لظله، فمهما ساواه فذلك وسط النهار، فإذا مال للمشرق ميلا تاما فذلك الزوال وأول وقت الظهر، فكل الأقدام إذا بكل شهر وأحفظها لكل شهر بكل فصل وكل بلد فلم أر ضابطا أفضل من هذا. قال علي القاري في المرقاة: قال السبكي اضطربوا في معنى حديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي، والذي عندي في معناه أنه كان يصليهما في الصيف بعد نصف الوقت، وفي الشتاء أوله ومنه يؤخذ حد الإبراد. انتهى. والأظهر أنه لا حد للابراد، وإنما يختلف باختلاف البلاد، ولعله أراد أن لا يتعدى في الإبراد عن نصف الوقت. والله تعالى أعلم. انتهى. قال المنذري: والحديث، أخرجه النسائي.
(أبو الحسن هو مهاجر) مهاجر: اسم وليس بوصف (فقال: أبرد) قال الخطابي: معنى الإبراد في هذا الحديث، انكسار شدة الظهيرة. انتهى. قال الحافظ في الفتح: فإن قيل الإبراد للصلاة، فكيف أمر المؤذن به للأذان، فالجواب أن ذلك مبني على أن الأذان هل هو للوقت أو للصلاة، وفيه خلاف مشهور، والأمر المذكور يقوى القول بأنه للصلاة. وأجاب الكرماني بأن عادتهم جرت بأنهم لا يتخلفون عند سماع الأذان عن الحضور إلى الجماعة، فالابراد بالأذان لغرض الإبراد بالعبادة (أو ثلاثا) هو شك من الراوي (حتى رأينا فيء التلول) قال الحافظ في