(لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حتى نزلت سورة النمل) لأن البسملة فيها جزؤها. وفيه دليل لمن قال: إن البسملة في أوائل السور إنما هي للفصل. قال المنذري: وهذا مرسل.
واعلم أن الأمة أجمعت: أنه لا يكفر من أثبتها ولا من نفاها لاختلاف العلماء فيها بخلاف ما لو نفي حرفا عليه أو أثبت ما لم يقل به أحد، فإنه يكفر بالاجماع، ولا خلاف أنها آية في أثناء سورة النمل، ولا خلاف في إثباتها خطأ في أوائل السور في المصحف إلا في أول سورة التوبة.
وأما التلاوة فلا خلاف بين القراء السبعة في أول فاتحة الكتاب، وفي أول كل سورة إذا ابتدأ بها القارئ ما خلا سورة التوبة، وأما في أوائل السور مع الوصل بسورة قبلها فأثبتها ابن كثير وقالون وعاصم والكسائي من القراء في أول كل سورة، إلا أول سورة التوبة، وحذفها منهم أبو عمرو وحمزة وورش وابن عامر. كذا في النيل.
(لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم) الحديث أخرجه الحاكم وصححه على شرطهما وقد رواه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن جبير وقال المراسل أصح. وقال الذهبي في تلخيص المستدرك بعد أن ذكر الحديث عن ابن عباس: أما هذا فثابت. وقال الهيثمي: رواه البزار بإسنادين رجالا أحدهما رجال الصحيح. والحديث استدل به القائلون بأن البسملة من القران. ويبتني على أن مجرد تنزيل البسملة تستلزم قرآنيتها. قاله الشوكاني.
والاستدلال بهذا الحديث وكذا بكل حديث يدل على أن البسملة من القران على الجهر بها في الصلاة ليس بصحيح. قال الحافظ ابن سيد الناس اليعمري: لأن جماعة ممن يرى الجهر بها لا يعتقدونها قرانا، بل هي من السنن عندهم كالتعود والتأمين، وجماعة ممن يرى الإسرار بها يعتقدونها قرآنا. ولهذا قال النووي: إن مسألة الجهر ليست مرتبة على إثبات مسألة البسملة.
وكذلك احتجاج من احتج بأحاديث عدم قراءتها على أنها ليست باية لما عرفت.
قال الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية: ومن حجج من أثبت الجهر أن أحاديثه جاءت من