(عن امرأة من بني عبد الأشهل) هي صحابية من الأنصار كما ذكره الإمام ابن الأثير في أسد الغابة في معرفة الصحابة، وجهالة الصحابي لا تضر، لأن الصحابة كلهم عدول. وقال الخطابي في المعالم: والحديث فيه مقال لأن امرأة من بني عبد الأشهل مجهولة والمجهول لا تقوم به الحجة في الحديث. انتهى. ورد عليه المنذري في مختصره فقال ما قاله الخطابي، ففيه نظر، فإن جهالة اسم الصحابي غير مؤثرة في صحة الحديث. انتهى (إن لنا طريقا إلى المسجد منتنة) من النتن، أي ذات نجسة. والطريق يذكر ويؤنث، أي فيهما أثر الجيف والنجاسات (إذا مطرنا على بناء المجهول، أي إذا جاءنا المطر (أليس بعدها) أي بعد ذلك الطريق (طريق هي أطيب منها) أي أطهر بمعنى الطاهر (فهذه بهذه) أي ما حصل التنجس بتلك يطهره انسحابه ثم على تراب هذه الطيبة.
قال الشيخ الأجل ولي الله المحدث الدهلوي في المسوى شرح الموطأ تحت حديث أم سلمة: إن أصاب الذيل نجاسة الطريق ثم مر بمكان اخر واختلط به بمكان اخر واختلط به طين الطريق وغبار الأرض وتراب ذلك المكان ويبست النجاسة المعلقة فيطهر الذيل المنجس بالتناثر أو الفرك، وذلك معفو عنه من الشارع بسبب الحرج والضيق، كما أن غسل العضو والثوب من دم الجراحة معفو عنه عند المالكية بسبب الحرج، وكما أن النجاسة الرطبة التي أصابت الخف تزيل بالدلك ويطهر الخف به عند الحنفية والمالكية بسبب الحرج، وكما أن الماء المستنقع الواقع في الطريق وإن وقع فيه نجاسة معفو عنه عند المالكية بسبب الحرج.
وإني لا أجد الفرق بين الثوب الذي أصابه دم الجراحة والثوب الذي أصابه المستنقع النجس وبين الذيل الذي تعلقت به نجاسة رطبة ثم اختلط به تراب الأرض وغبارها وطين الطريق فتناثرت به النجاسة أو زالت بالفرك فإن حكمها واحد. وما قال البغوي إن هذا الحديث محمول على النجاسة اليابسة التي أصابت الثوب ثم تناثرت بعد ذلك، ففيه نظر، لأن النجاسة التي تتعلق بالذيل في المشي في المكان القذر تكون رطبة في غالب الأحوال، وهو معلوم بالقطع في عادة الناس، فإخراج الشئ الذي تحقق وجوده قطعا أو غالبا عن حالته الأصلية بعيد. وأما طين الشارع يطهره ما بعده ففيه نوع من التوسع في الكلام، لأن المقام يقتضي أن