(أتت بابن لها صغير) بالجر صفة لابن (لم يأكل الطعام) يحتمل أنها أرادت أنه لم يتقوت بالطعام ولم يستغن به عن الرضاع، ويحتمل أنها جاءت به عند ولادته ليحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحمل النفي على عمومه، ويؤيده رواية البخاري في العقيقة (أتى بصبي يحنكه) والحاصل أن المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه والتمر الذي يحنك به والعسل الذي يعلقه للمداواة وغيرها، فكأن المراد أنه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال (فأجلسه) أي ابن (في حجره) بفتح الحاء على الأشهر وتكسر وتضم كما في المحكم وغيره أي حضنة أي وضعه إن قلنا إنه كان كما ولد، ويحتمل أن الجلوس حصل منه على العادة إن قلنا كان في سن من يحبو كما في قصة الحسن. قاله الحافظ في الفتح (فبال على ثوبه) أي ثوب النبي صلى الله عليه وسلم (فدعا بماء فنضحه) بالضاد المعجمة والحاء المهملة. قال الجوهري وصاحب القاموس وصاحب المصباح النضح الرش، وقال ابن الأثير وقد نضح عليه الماء ونضحه به: إذا رشه عليه، وقد يرد النضح بمعنى الغسل والإزالة، ومنه الحديث ونضح الدم عن جبينه. وحديث الحيض ثم لتنضحه اي تغسله انتهى مختصرا. وقال في لسان العرب النضح الرش نضح عليه الماء ينضحه نضحا إذا ضربه بشئ فأصابه منه رشاش. وفي حديث قتادة النضح من النضح يريد من أصحابه نضح من البول وهو الشئ اليسير منه فعليه أن ينضحه بالماء وليس عليه غسله. قال الزمخشري هو أن يصيبه من البول رشاش كرؤس الإبر. وقال ابن الأعرابي النضح ما كان على إعتماد وهو ما نضحته بيدك معتمدا والنضح ما كان على غير إعتماد، وقيل هما لغتان بمعنى واحد وكله رش، وانتضح نضح شيئا من ماء على فرجه بعد الوضوء والانتضاح بالماء وهو أن يأخذ ماء قليلا فينضح به مذاكيره به ومؤتزره بعد فراغه من الوضوء لينفي بذلك عنه الوسواس انتهى ملخصا.
والحاصل أن النضح يجئ لمعان منها الرش، ومنها الغسل، ومنها الإزالة، ومنها غير ذلك لكن استعماله بمعنى الرش أكثر وأغلب وأشهر حتى لا يفهم غير هذا المعنى إلا بقرينة تدل على ذلك، ولا يخفى عليك أن الرش غير الغسل فإن الرش أخف من الغسل، وفي الغسل استيعاب المحل المغسول بالماء نقاء ذلك المحل وإزالة ما هناك، والنضح يحصل إذا ضربت المحل بشئ من ماء فأصاب رشاش من الماء على ذلك المحل، وليس المقصود من النضح ما هو المقصود من الغسل بل الرش أدون وأنقص من الغسل (ولم يغسله) وهذا تأكيد لمعنى النضح أي اكتفى على النضح والرش ولم يغسل المحل المتلوث