العباب فلو بقيت شعرة واحدة لم يصل إليها الماء بقيت الجنابة (فاغسلوا الشعر) بفتح العين وسكونها أي جميعه قال الإمام الخطابي ظاهر هذا الحديث يوجب نقض القرون والضفائر إذا أراد الاغتسال من الجنابة لأنه لا يكون شعره مغسولا إلا إذا أنقضها وإليه ذهب إبراهيم النخعي وقال عامة أهل العلم إيصال الماء إلى أصول الشعر وإن لم ينقض شعره يجزيه والحديث ضعيف انتهى قلت واستثنيت المرأة من هذا الحكم كما سيجئ (وأنقوا البشر) من الانقاء أي نظفوا البشر من الأوساخ لأنه لو منع شئ من ذلك وصول الماء لم ترتفع الجنابة والبشر بفتح الباء والشين قال إمام أهل اللغة الجوهري في الصحاح البشر ظاهر جلد الانسان وفلان مؤدم مبشر إذا كان كاملا من الرجال كأنه جمع لين الأدمة وخشونة البشرة وكذا في القاموس والمصباح واما الأدمة فقال الجوهري الأدمة باطن الجلد الذي يلي اللحم وقال في القاموس الأدمة محركة باطن الجلدة التي تلي اللحم أو ظاهره عليه الشعر قال الخطابي وقد يحتج به من يوجب الاستنشاق في الجنابة لما في داخل الأنف من الشعر واحتج بعضهم في إيجاب المضمضة بقوله وانقوا البشر فزعم أن داخل الفم من البشر وهذا خلاف قول أهل اللغة لأن البشرة عندهم هي ما ظهر من البدن وأما داخل الأنف والفم فهو الأدمة والعرب تقول فلان مؤدم مبشر إذا كان خشن الظاهر مخبوز الباطن كذلك أخبرني أبو عمر عن أبي العباس أحمد بن يحيى انتهى كلامه قلت على تصريح الجوهري داخل الفم والأنف ليس من الأدمة لأن الأدمة على تفسيره هي باطن الجلد الذي يلي اللحم وداخل الفم والأنف ليس كذلك بل هو مما لا يلي اللحم وليس هو من الباطن بل هو من الظاهر فالاستدلال على ايجاب المضمضة في الغسل من الجنابة بقوله صلى الله عليه وسلم وأنقوا البشر صحيح (حديثه منكر) إعلم أن المنكر ينقسم إلى قسمين الأول ما انفرد به المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو الضعف في بعض مشائخه خاصة أو نحوهم ممن لا يحكم لحديثهم بالقبول بغير عاضد يعضده بما لا متابع له ولا شاهد وعلى هذا القسم يوجد إطلاق المنكر لكثير من المحدثين كأحمد والنسائي وإن خولف مع ذلك فهو القسم الثاني من المنكر وهو المعتمد على رأي أكثر المحدثين ومراد المؤلف بقوله حديثه منكر هو القسم الأول (وهو) الحارث (ضعيف) وكذا ضعفه آخرون قال المنذري وأخرجه الترمذي وابن ماجة وقال الترمذي حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه وهو شيخ ليس بذاك وذكر الدارقطني أنه غريب من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة تفرد به مالك بن دينار وعنه الحارث بن وجيه وذكر الترمذي أيضا أن الحارث تفرد به عن مالك بن دينار انتهى كلام المنذري
(٢٩٠)