(فناولته المنديل) بكسر الميم ما يحمل في اليد لإزالة الوسخ ومسح الدرن وتنشيف العرق وغيرهما من الخدمة وفي رواية للبخاري فناولته ثوبا أي لينشف به ماء الجسد (فلم يأخذه) المنديل واعلم أنه اختلف العلماء في التنشيف بعد الوضوء والغسل فكرهه بعضهم واستدلوا بحديث الباب ولا حجة فيه لأنها واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال فيجوز أن يكون عدم الأخذ لأمر آخر لا يتعلق بكراهة التنشيف بل لأمر يتعلق بالخرقة أو لكونه كان مستعجلا أو لغير ذلك وبحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يمسح وجهه بالمنديل بعد الوضوء ولا أبو بكر ولا عمر ولا علي ولا ابن مسعود أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ وفيه سعيد بن ميسرة البصري قال البخاري منكر الحديث وقال ابن حبان يروي الموضوعات وإن صح فليس فيه نهيه صلى الله عليه وسلم وغاية ما فيه أن أنسا لم يره وإنما هو إخبار عن عدم رؤيته وهو غير مستلزم للنهي وذهب بعضهم إلى جواز ذلك بعد الوضوء والغسل واحتجوا بحديث سلمان الفارسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه أخرجه ابن ماجة وإسناده حسن فهذا الحديث يصلح أن يتمسك به في جواز التنشيف بانضمام روايات أخرى جاءت في هذا الباب وذهب إليه الحسن بن علي وأنس وعثمان والثوري ومالك قاله الشوكاني (وجعل ينفض الماء) أي يحرك ويدفع الماء (عن جسده) واستدل له به على طهارة المتقاطر من أعضاء المتطهر خلافا لمن غلا من الحنفية فقال بنجاسته وقال بعض النفض ههنا محمول على تحريك اليدين في المشي وهو تأويل مردود وما جاء في النهي عن نفض الأيدي فهو ضعيف (فذكرت ذلك) أي حكم التنشيف ووجه رده صلى الله عليه وسلم (لإبراهيم) إبراهيم هذا هو النخعي والقائل له هو سليمان الأعمش كما في رواية أبي عوانة في هذا الحديث أخرجه أحمد بن حنبل والإسماعيلي في مستخرجه على صحيح البخاري (فقال) إبراهيم (يكرهون العادة) أي يكرهون التنشيف بالماء لمن يتخذه عادة لا لمن يفعله أحيانا في رواية أحمد لا بأس بالمنديل وإنما رده مخافة أن يصير عادة (يكرهونه) أي التنشيف (للعادة) فقط وليس كراهة في أصل الفعل (فقال) عبد الله (هكذا هو)
(٢٨٧)