صاع رواه البخاري ومسلم وفي لفظ لهما فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقا بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام فقوله نصف صاع حجة لهم والفرق اثني عشر مدا والمد هو ربع الصاع أو يقال إن الفرق ستة عشر رطلا فثبت بذلك أن الفرق ثلاثة آصع وأن الصاع خمسة أرطال وثلث ومنها ما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشي وهو ثقة قال قدم علينا أبو يوسف من الحج فقال إني أريد أن أفتح عليكم بابا من العلم أهمني ففحصت عنه فقدمت المدينة فسألت عن الصاع فقال صاعنا هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لهم ما حجتكم في ذلك فقالوا نأتيك بالحجة غدا فلما أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخا من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم الصاع تحت ردائه كل رجل منهم يخبر عن أبيه وأهل بيته أن هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فإذا هي سواء قال فعيرته فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان يسير فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة قال صاحب التنقيح هذا هو المشهور من قول أبي يوسف وقد روي أن مالكا رضي الله عنه ناظره واستدل عليه بالصيعان التي جاء بها أولئك الرهط فرجع أبو يوسف إلى قوله قلت قول أهل المدينة وأهل الحجاز في مقدار الصاع هو الحق والصحيح من حيث الرواية ولا يغرنك كلام الطحاوي في شرح معاني الآثار في ذلك الباب فإنه بنى الكلام على تأويلات بعيدة واحتمالات كاسدة (قال) أبو داود فقلت لأحمد (فمن قال) في تفسير الصاع إنه (ثمانية أرطال) فقوله صحيح أم لا؟ (قال) أحمد (ليس ذلك) أي كون الصاع ثمانية أرطال (بمحفوظ) بل هو ضعيف لا يحتج في الأحكام مثله قلت ذهب العراقيون منهم أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إلى أن الصاع ثمانية أرطال واستدل لهم بروايات منها ما أخرجه النسائي عن موسى الجهني قال أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بمثل هذا وإسناده صحيح والجواب عنه بوجوه الأول أن الحزر لا يعارض به التحديد والثاني لم يصرح مجاهد بأن الإناء المذكور كان صاعا فيحمل على اختلاف الأواني مع تقاربها والثالث أن مجاهدا قد شك في هذا الحزر والتقدير فقال ثمانية أرطال تسعة أرطال عشرة أرطال كما أخرجه الطحاوي فكيف يعارض التحديد المصرح بهذا الحزر المشكوك وهكذا في كل رواية من الروايات الدالة على كون الصاع ثمانية أرطال كلام يسقطها عن الاحتجاج وقد بسط أخونا المعظم الأدلة مع الكلام عليها وحقق أن الصاع الحجازي هو صاع النبي صلى الله عليه وسلم في غاية المقصود (قال) أبو داود (وسمعت أحمد بن حنبل يقول من أعطى في صدقة الفطر برطلنا هذا
(٢٧٩)