فلما لم تصلح هذه الروايات لمعارضة حديث أبي هريرة الذي أخرجه المؤلف والشيخان ظهر أنه لا حاجة لدفع التعارض إلى القول بأنهما واقعتان مع أنه ليس في هذه الروايات ما يدل على تعدد الواقعة ولا حاجة أيضا إلى ارتكاب التجوز في معنى كبر ودخل ولاح لك أيضا أن الاستدلال بهذه الروايات على صحة صلاة المأمومين خلف الإمام الجنب الناسي ليس بتام وكذا الاستدلال على هذه المسألة بما أخرجه مالك من فعل عمر رضي الله عنه وبما أخرجه البيهقي من فعل عثمان رضي الله عنه وعبد الله بن عمر رضي الله عنه ليس بتام أيضا لأنه هو أفعالهم وأما القطع بأنهم إنما فعلوا ما فعلوا لأنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يفعله فغير مقطوع لأن للاجتهاد مجالا في هذه المسألة مع أنه معارض لحديث أبي هريرة المرفوع الصحيح الامام ضامن وكذا الاستدلال بحديث يصلون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطؤوا فلكم وعليهم ليس بتام أيضا لأنه ليس المراد به الخطأ المقابل للعمل لأنه لا إثم فيه بل المراد ارتكاب الخطيئة وهذه المسألة ليست من هذا الوادي فتأمل 95 (باب في الرجل يجد البلة): بكسر الباء وتشديد اللام الرطبة من الماء وغيره يقال بللته من الماء بلا من باب قتل فابتل هو (في منامه) ولا يذكر الاحتلام فما حكمه (يجد البلل) بفتحتين أي الرطوبة (ولا يذكر احتلاما) الاحتلام افتعال من الحلم بضم المهملة وسكون اللام وهو ما يراه النائم في نومه يقال منه حلم بالفتح واحتلم والمراد به ههنا أمر خاص وهو الجماع أي لا يذكر أنه جامع في النوم (يغتسل) خبر بمعنى الأمر وهو للوجوب (يرى) بفتح الياء أي يعتقد وبضم الياء أي يظن (قال لا غسل عليه) قال الخطابي في معالم السنن ظاهر هذا الحديث يوجب الاغتسال إذا رأى بلة وإن لم يتيقن أنها الماء الدافق وروي هذا القول عن جماعة من التابعين منهم عطاء والشعبي والنخعي وقال أحمد بن حنبل أعجب إلي أن يغتسل وقال أكثر أهل العلم لا يجب عليه الاغتسال حتى
(٢٧٤)