وتمضمض وأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثا بل في ابن ماجة أصرح من هذا بلفظ توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا من كف واحد وتقدم في باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بعض المباحث في الوصل بين المضمضة والاستنشاق ومحصل الكلام أن الوصل والفصل كلاهما ثابت لكن أحاديث الوصل قوية من جهة الإسناد والله أعلم 55 (باب في الاستنثار) هو استفعال من النثر بالنون والمثلثة وهو طرح الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه لتنظيف ما في داخله فيخرج بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أم لا (ثم لينثر) بمثلثة مضمومة بعد النون الساكنة من باب الثلاثي المجرد وفي بعض الروايات ثم لينتثر على وزن ليفتعل من باب الافتعال يقال نثر الرجل وانتثر إذا حرك النثرة وهي طرف الأنف في الطهارة قال الحافظ ظاهر الأمر أنه للوجوب فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق لورود الأمر كأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر أن يقول به في الاستنثار وظاهر كلام صاحب المغني من الحنابلة يقتضي أنهم يقولون بذلك وأن مشروعية الاستنشاق لا تحصل إلا بالاستنثار وصرح ابن بطال بأن بعض العلماء قال بوجوب الاستنثار وفيه تعقب على من نقل الاجماع على عدم وجوبه واستدل الجمهور على أن الأمر فيه للندب بما حسنه الترمذي وصححه الحاكم من قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي توضأ كما أمرك الله فأحاله على الآية وليس فيها ذكر الاستنشاق ويحتمل أن يراد بالأمر ما هو أعم من آية الوضوء فقد أمر الله سبحانه باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله أمره ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه عليه الصلاة والسلام على الاستقصاء أنه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة وهو يرد على من لم يوجب المضمضة أيضا وقد ثبت الأمر بها أيضا في سنن أبي داود من حديث لقيط بإسناد صحيح ولم يذكر في هذه الرواية عددا وقد ورد في رواية سفيان عن أبي الزناد ولفظه إذا استنثرت فليستنثر وترا أخرجه الحميدي في مسنده عنه وأصله لمسلم انتهى مختصرا وقال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم من وجه آخر
(١٦١)