النوع الأول ما ليس فيه ذكر غسل الرجلين أصلا بل اقتصر الراوي على قوله ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة كما في حديث عائشة أخرجه البخاري من طريق مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة النوع الثاني ما فيه التصريح بأنه لم يغسل الرجلين قبل إكمال الغسل بل أخره إلى أن فرغ منه كما في رواية ميمونة أخرجها البخاري في صحيحه من طريق سفيان عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس عن ميمونة النوع الثالث ما فيه غسل الرجلين مرتين مرة قبل إتمام الغسل في الوضوء ومرة بعد الفراغ من الغسل كما في حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه أخرجه مسلم من طريق أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة قال الحافظ ابن حجر تحمل الروايات عن عائشة على أن المراد بقولها وضؤه للصلاة أي أكثره وهو ما سوى الرجلين أو يحتمل على ظاهره ويحتمل أن يكون قولها في رواية أبي معاوية ثم غسل رجليه أي أعاد غسلهما لاستيعاب الغسل بعد أن كان غسلهما في الوضوء قال وحديث ميمونة رضي الله عنها من طريق سفيان عن الأعمش مخالف لظاهر رواية عائشة من طريق مالك عن هشام ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية عائشة على المجاز كما تقدم وإما بحمله على حالة أخرى وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف نظر العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم وعند الشافعية في الأفضل قولان أصحهما وأشهر هما ومختارهما أنه يكمل وضوءه قال لأن أكثر الروايات عن عائشة وميمون كذلك انتهى كذا قال وليس في شئ من الروايات عنهما التصريح بذلك بل هي إما محتملة كرواية توضأ وضوءه للصلاة أو ظاهرة في تأخيرهما كحديث ميمونة من طريق سفيان عن الأعمش وراويها مقدم في الحفظ والفقه على جميع من رواه عن الأعمش وقول من قال إنما فعل ذلك مرة لبيان الجواز متعقب فإن في رواية أحمد عن أبي معاوية عن الأعمش ما يدل على المواظبة ولفظه كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه فذكر الحديث وفي آخره ثم يتنحى فيغسل رجليه قال القرطبي الحكمة في تأخير غسل الرجلين ليحصل الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء انتهى كلام الحافظ قلت قال الشارح غسل الرجلين مرتين قبل إتمام الغسل في الوضوء وبعد الفراغ أو اقتصاره على أحدهما كل ذلك ثابت والذي نختاره هو غسلهما مرتين والله أعلم
(٢٨٦)