عن يحيى بن سعيد وزاد ابن رمح في هذا الحديث وليتحول عن جنبه الذي كان عليه وذكر بعض الحفاظ أن هذه الزيادة انما هي في حديث الليث عن أبي الزبير كما اتفق عليه قتيبة وابن رمح وأما طريق يحيى بن سعيد في حديث أبي قتادة فليست فيه ولذلك لم يذكرها قتيبة وفي الجملة فتكمل الآداب ستة الأربعة الماضية والصلاة والتحول ورأيت في بعض الشروح ذكر سابعه وهي قراءة آية الكرسي ولم يذكر لذلك مستندا فإن كان أخذه من عموم قوله في حديث أبي هريرة ولا يقربنك الشيطان فيتجه وينبغي أن يقرأها في صلاته المذكورة وسيأتي ما يتعلق بآداب العابر وقد ذكر العلماء حكمه هذه الأمور فأما الاستعاذة بالله من شرها فواضح وهي مشروعة عند كل أمر يكره وأما الاستعاذة من الشيطان فلما وقع في بعض طرق الحديث أنها منه وانما يخيل بها لقصد تحزين الآدمي والتهويل عليه كما تقدم وأما التفل فقال عياض أمر به طردا للشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة تحقيرا له واستقذارا وخصت به اليسار لأنها محل الاقذار ونحوها قلت والتثليث للتأكيد وقال القاضي أبو بكر ابن العربي فيه إشارة إلى أنه في مقام الرقية ليتقرر عند النفس دفعه عنها وعبر في بعض الروايات البصاق إشارة إلى استقذاره وقد ورد بثلاثة ألفاظ التفث والتفل والبصق قال النووي في الكلام على التفث في الرقية تبعا لعياض اختلف في التفث والتفل فقيل هما بمعنى ولا يكونان إلا بريق وقال أبو عبيد يشترط في التفل ريق يسير ولا يكون في التفث وقيل عكسه وسألت عائشة عن التفث في الرقية فقالت كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه قال ولا اعتبار بما يخرج معه من بلة بغير قصد قال وقد جاء في حديث أبي سعد في الرقية بفاتحة الكتاب فجعل يجمع بزاقه قال عياض وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء والتفث للمباشر للرقية المقارن للذكر الحسن كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء وقال النووي أيضا أكثر الروايات في الرؤيا فلينفث وهو نفخ لطيف بلا ريق فيكون التفل والبصق محمولين عليه مجازا (قلت) لكن المطلوب في الموضعين مختلف لان المطلوب في الرقية التبرك برطوبة الذكر كما تقدم والمطلوب هنا طرد الشيطان وإظهار احتقاره واستقذاره كما نقله هو عن عياض كما تقدم فالذي يجمع الثلاثة الحمل على التفل فإنه نفخ معه ريق لطيف فبالنظر إلى النفخ قيل له تفث وبالنظر إلى الريق قيل له بصاق قال النووي وأما قوله فإنها لا تضره فمعناه ان الله جعل ما ذكر سببا للسلامة من المكروه والمترتب على الرؤيا كما جعل الصدقة وقاية للمال انتهى وأما الصلاة فلما فيها من التوجه إلى الله واللجأ إليه ولان في التحرم بها عصمة من الأسواء وبها تكمل الرغبة وتصح الطلبة لقرب المصلي من ربه عند سجوده وأما التحول للتفاؤل بتحول تلك الحال التي كان عليها قال النووي وينبغي أن يجمع بين هذه الروايات كلها ويعمل بجميع ما تضمنه فان اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى كما صرحت به الأحاديث (قلت) لم أر في شئ من الأحاديث الاقتصار على واحدة نعم أشار المهلب إلى أن الاستعاذة كافية في دفع شرها وكأنه أخذه من قوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فيحتاج مع الاستعاذة إلى صحة التوجه ولا يكفي إمرار الاستعاذة باللسان وقال القرطبي في المفهم الصلاة تجمع ذلك كله لأنه إذا قام فصلى تحول عن جنبه وبصق ونفث عند المضمضة في الوضوء واستعاذ قبل القراءة
(٣٢٨)