بأخ ورجال سنده رجال الصحيح إلا شيخ مجاهد وهو يوسف مولى آل الزبير وقد طعن البيهقي في سنده فقال فيه جرير وقد نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ وفيه يوسف وهو غير معروف وعلى تقدير ثبوته فلا يعارض حديث عائشة المتفق على صحته وتعقب بأن جريرا هذا لم ينسب إلى سوء حفظ وكأنه اشتبه عليه بجرير بن حازم وبأن الجمع بينهما ممكن فلا ترجيح وبأن يوسف معروف في موالي آل الزبير وعلى هذا فيتعين تأويله وإذا ثبتت هذه الزيادة تعين تأويل نفي الاخوة عن سودة على نحو ما تقدم من أمرها بالاحتجاب منه ونقل ابن العربي في القوانين عن الشافعي نحو ما تقدم وزاد ولو كان أخاها بنسب محقق لما منعها كما أمر عائشة أن لا تحتجب من عمها من الرضاعة وقال البيهقي معنى قوله ليس لك بأخ إن ثبت ليس لك بأخ شبها فلا يخالف قوله لعبد هو أخوك (قلت) أو معنى قوله ليس لك بأخ بالنسبة للميراث من زمعة لان زمعة مات كافرا وخلف عبد بن زمعة والولد المذكور وسودة فلا حق لسودة في إرثه بل حازه عبد قبل الاستلحاق فإذا استلحق الابن المذكور شاركه في الإرث دون سودة فلهذا قال لعبد هو أخوك وقال لسودة ليس لك بأخ وقال القرطبي بعد أن قرر أن أمر سودة بالاحتجاب للاحتياط وتوقي الشبهات ويحتمل أن يكون ذلك لتغليظ أمر الحجاب في حق أمهات المؤمنين كما قال أفعمياوان أنتما فنهاهما عن رؤية الأعمى مع قوله لفاطمة بنت قيس اعتدي عند بن أم مكتوم فأنه أعمى فغلظ الحجاب في حقهن دون غيرهن وقد تقدم في تفسير الحجاب قول من قال أنه كان يحرم عليهن بعد الحجاب إبراز أشخاصهن ولو كن مستترات إلا لضرورة بخلاف غيرهن فلا يشترط وأيضا فان للزوج ان يمنع زوجته من الاجتماع بمحارمها فلعل المراد بالاحتجاب عدم الاجتماع به في الخلوة وقال ابن حزم لا يجب على المرأة أن يراها أخوها بل الواجب عليها صلة رحمها ورد على من زعم أن معنى قوله هو لك أي عبد بأنه لو قضى بأنه عبد لما أمر سودة بالاحتجاب منه إما لان لها فيه حصة واما لان من في الرق لا يحتجب منه على القول بذلك وقد تقدم جواب المزني عن ذلك قريبا واستدل به بعض المالكية على مشروعية الحكم بين حكمين وهو أن يأخذ الفرع شبها من أكثر من أصل فيعطى أحكاما بعدد ذلك وذلك أن الفراش يقتضي إلحاقه بزمعة في النسب والشبه يقتضي إلحاقه بعتبة فأعطى الفرع حكما بين حكمين فروعي الفراش في النسب والشبه البين في الاحتجاب قال وإلحاقه بهما ولو كان من وجه أولى من الغاء أحدهما من كل وجه قال ابن دقيق العيد ويعترض على هذا بأن صورة المسألة ما إذا دار الفرع بين أصلين شرعيين وهنا الالحاق شرعي للتصريح بقوله الولد للفراش فبقي الامر بالاحتجاب مشكلا لأنه يناقض الالحاق فتعين أنه للاحتياط لا لوجوب حكم شرعي وليس فيه إلا ترك مباح مع ثبوت المحرمية واستدل به على أن حكم الحاكم لا يحل الامر في الباطن كما لو حكم بشهادة فظهر أنها زور لأنه حكم بأنه أخو عبد وأمر سودة بالاحتجاب بسبب الشبه بعتبة فلو كان الحكم يحل الامر في الباطن لما أمرها بالاحتجاب واستدل به على أن لوطئ الزنا حكم وطئ الحلال في حرمة المصاهرة وهو قول الجمهور ووجه الدلالة أمر سودة بالاحتجاب بعد الحكم بأنه أخوها لأجل الشبه بالزاني وقال مالك في المشهور عنه والشافعي لا أثر لوطئ الزنا بل للزاني أن يتزوج أم التي زنى بها وبنتها وزاد الشافعي ووافقه بن الماجشون والبنت التي تلدها المزني بها ولو عرفت أنها منه قال النووي وهذا احتجاج باطل لأنه على تقدير أن يكون من الزنا
(٣٢)