للفراش لأنه لما أبطل الشرع الحاق هذا الولد بالزاني لم يبق صاحب الفراش وجرى المزني على القول بأن الالحاق يختص بالأب فقال أجمعوا على أنه لا يقبل اقرار أحد على غيره والذي عندي في قصة عبد بن زمعة أنه صلى الله عليه وسلم أجاب عن المسألة فأعلمهم أن الحكم كذا بشرط أن يدعي صاحب الفراش لا أنه قبل دعوى سعد عن أخيه عتبة ولا دعوى عبد بن زمعة عن زمعة بل عرفهم أن الحكم في مثلها يكون كذلك قال ولذلك قال احتجي منه يا سودة وتعقب بأن قوله لعبد بن زمعة هو أخوك يدفع هذا التأويل واستدل به على أن الوصي يجوز له أن يستلحق ولد موصيه إذا أوصى إليه بأن يستلحقه ويكون كالوكيل عنه في ذلك وقد مضى التبويب بذلك في كتاب الاشخاص وعلى أن الأمة تصير فراشا بالوطئ فإذا اعترف السيد بوطئ أمته أو ثبت ذلك بأي طريق كان ثم أتت بولد لمدة الامكان بعد الوطئ لحقه من غير استلحاق كما في الزوجة لكن الزوجة تصير فراشا بمجرد العقد فلا يشترط في الاستلحاق إلا الامكان لأنها تراد الموطئ فجعل العقد عليها كالوطئ بخلاف الأمة فأنها تراد لمنافع أخرى فاشترط في حقها الوطئ ومن ثم يحوز الجمع بين الأختين بالملك دون الوطئ وهذا قول الجمهور وعن الحنفية لا تصير الأمة فراشا إلا إذا ولدت من السيد ولدا ولحق به فمهما ولدت بعد ذلك لحقه إلا أن ينفيه وعن الحنابلة من اعترف بالوطئ فأتت منه لمدة الامكان لحقه وأن ولدت منه أولا فاستلحقه لم يلحقه ما بعده إلا بإقرار مستأنف على الراجح عندهم وترجيح المذهب الأول ظاهر لأنه لم ينقل أنه كان لزمعة من هذه الأمة ولد آخر والكل متفقون على أنها لا تصير فراشا إلا بالوطئ قال النووي وطئ زمعة أمته المذكورة علم إما ببينة وإما باطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك (قلت) وفي حديث بن الزبير ما يشعر بأن ذلك كان أمرا مشهورا وسأذكر لفظه قريبا واستدل به على أن السبب لا يخرج ولو قلنا أن العبرة بعموم اللفظ ونقل الغزالي تبعا لشيخه والآمدي ومن تبعه عن الشافعي قولا بخصوص السبب تمسكا بما نقل عن الشافعي أنه ناظر بعض الحنفية لما قال أن أبا حنيفة خص الفراش بالزوجة وأخرج الأمة من عموم الولد للفراش فرد عليه الشافعي بأن هذا ورد على سبب خاص ورد ذلك الفخر الرازي على من قاله بأن مراد الشافعي أن خصوص السبب لا يخرج والخبر انما ورد في حق الأمة فلا يجوز إخراجه ثم وقع الاتفاق على تعميمه في الزوجات لكن شرط الشافعي والجمهور الامكان زمانا ومكانا وعن الحنفية يكفي مجرد العقد فتصير فراشا ويلحق الزوج الولد وحجتهم عموم قوله الولد للفراش لأنه لا يحتاج إلى تقدير وهو الولد لصاحب الفراش لان المراد بالفراش الموطوءة ورده القرطبي بأن الفراش كناية عن الموطوءة لكون الواطئ يستفرشها أي بصيرها بوطئه لها فراشا له يعني فلا بد من اعتبار الوطئ حتى تسمى فراشا وألحق به إمكان الوطئ فمع عدم إمكان الوطئ لا تسمى فراشا وفهم بعض الشراح عن القرطبي خلاف مراده فقال كلامه يقتضي حصول مقصود الجمهور بمجرد كون فراش هو الموطوءة وليس هو المراد فعلم أنه لا بد من تقدير محذوف لأنه قال أن الفراش هو الموطوءة والمراد به أن الولد لا يلحق بالواطئ قال المعترض وهذا لا يستقيم إلا مع تقدير الحذف قلت وقد بينت وجه استقامته بحمد الله ويؤيد ذلك أيضا أن ابن الأعرابي اللغوي نقل أن الفراش عند العرب يعبر به عن الزوج وعن المرأة والأكثر إطلاقه على المرأة ومما ورد في التعبير به عن الرجل قول جرير فيمن تزوجت بعد
(٢٩)