فأدها إليه قال ولما كانت سودة شريكة لعبد في ذلك لكن لم يعلم منها تصديق ذلك ولا الدعوى به ألزم عبدا بما أقر به على نفسه ولم يجعل ذلك حجة عليها فأمرها بالاحتجاب وكلامه كله متعقب بالرواية الثانية المصرح فيها بقوله هو أخوك فإنها رفعت الاشكال وكأنه لم يقف عليها وعلى حديث ابن الزبير وسودة الدال على أن سودة وافقت أخاها عبدا في الدعوى بذلك (قوله الولد للفراش وللعاهر) الحجر تقدم في غزوة الفتح تعليقا من رواية يونس عن ابن شهاب قالت عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد الخ وهذا منقطع وقد وصله غيره عن ابن شهاب ووقع في رواية يونس أيضا قال ابن شهاب وكان أبو هريرة يصيح بذلك وقد قدمت هناك أن مسلما أخرجه موصولا من رواية ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وأبي هريرة وقوله وللعاهر الحجر أي للزاني الخيبة والحرمان والعهر بفتحتين الزنا وقيل يختص بالليل ومعنى الخيبة هنا حرمان الولد الذي يدعيه وجرت عادة العرب أن تقول لمن خاب له الحجر وبفيه الحجر والتراب ونحو ذلك وقيل المراد بالحجر هنا أنه يرجم قال النووي وهو ضعيف لان الرجم مختص بالمحصن ولأنه لا يلزم من رجمه نفي الولد والخبر انما سيق لنفي الولد وقال السبكي والأول أشبه بمساق الحديث لتعم الخيبة كل زان ودليل الرجم مأخوذ من موضع آخر فلا حاجة للتخصيص من غير دليل (قلت) ويؤيد الأول أيضا ما أخرجه أبو أحمد الحاكم من حديث زيد بن أرقم رفعه الولد للفراش وفي فم العاهر الحجر وفي حديث ابن عمر عند ابن حبان الولد للفراش وبفي العاهر الأثلب بمثلثة ثم موحدة بينهما لام ويفتح أوله وثالثه ويكسران قيل هو الحجر وقيل دقاقه وقيل التراب (قوله ثم قال لسودة احتجبي منه) في رواية الليث واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة (قوله فما رآها حتى لقي الله) في رواية معمر قالت عائشة فوالله ما رآها حتى ماتت وفي رواية الليث فلم تره سودة قط يعني في المدة التي بين هذا القول وبين موت أحدهما وكذا لمسلم من طريقه وفي رواية ابن جريج في صحيح أبي عوانة مثله وفي رواية الكشميهني الآتية في حديث الليث أيضا فلم تره سودة بعد وهذا إذا ضمت إلى رواية مالك ومعمر استفيد منها أنها امتثلت الامر وبالغت في الاحتجاب منه حتى أنها لم تره فضلا عن أن يراها لأنه ليس في الامر المذكور دلالة على منعها من رؤيته وقد استدل به الحنفية على أنه لم يلحقه بزمعة لأنه لو ألحقه به لكان أخا سودة والأخ لا يؤمر بالاحتجاب منه وأجاب الجمهور بأن الامر بذلك كان للاحتياط لأنه وإن حكم بأنه أخوها لقوله في الطرق الصحيحة هو أخوك يا عبد وإذا ثبت أنه أخو عبد لأبيه فهو أخو سودة لأبيها لكن لما رأى الشبه بينا بعتبة أمرها بالاحتجاب منه احتياطا وأشار الخطابي إلى أن في ذلك مزية لأمهات المؤمنين لان لهن في ذلك ما ليس لغيرهن قال والشبه يعتبر في بعض المواطن لكن لا يقضى به إذا وجد ما هو أقوى منه وهو كما يحكم في الحادثة ثم يوجد فيها نص فيترك القياس قال وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث وليس بالثابت احتجبي منه يا سودة فإنه ليس لك بأخ وتبعه النووي فقال هذه الزيادة باطلة مردودة وتعقب بأنها وقعت في حديث عبد الله بن الزبير عند النسائي بسند حسن ولفظه كانت لزمعة جارية يطؤها وكان يظن بآخر أنه يقع عليها فجاءت بولد يشبه الذي كان يظن به فمات زمعة فذكرت ذلك سودة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة فليس لك
(٣١)