الاجر على الصبر وحصول الاجر بالوعد الصادق لمن قصد العبادة فعاقه عنها عائق بغير إرادته وكمن له أوراد فعجز عن فعلها لمرض مثلا فإنه يكتب له أجرها عمن عملها ومما يستثنى على خلف ما إذا نوى صلاة فرض ثم ظهر له ما يقتضي بطلانها فرضا هل تنقلب نفلا وهذا عند العذر فأما لو أحرم بالظهر مثلا قبل الزوال فلا يصح فرضا ولا ينقلب نفلا إذا تعمد ذلك ومما اختلف فيه هل يثاب المسبوق ثواب الجماعة على ما إذا أدرك ركعة أو يعم وهل يثاب من نوى صيام نفل في أثناء النهار على جميعه أو من حين نوى وهل تكمل الجمعة إذا خرج وقتها في أول الركعة الثانية مثلا جمعة أو ظهرا وهل تنقلب بنفسها أو تحتاج إلى تجديد نية والمسبوق إذا أدرك الاعتدال الثاني مثلا هل ينوي الجمعة أو الظهر ومن أحرم بالحج في غير أشهره هل ينقلب عمرة أو لا واستدل به من قال بإبطال الحيل ومن قال بإعمالها لان مرجع كل من الفريقين إلى نية العامل وسيأتي في أثناء الأبواب الذي ذكرها المصنف إشارة إلى بيان ذلك والضابط ما تقدمت الإشارة إليه إن كان فيه خلاص مظلوم مثلا فهو مطلوب وإن كان فيه فوات حق فهو مذموم ونص الشافعي على كراهة تعاطي الحيل في تفويت الحقوق فقال بعض أصحابه هي كراهة تنزيه وقال كثير من محققيهم كالغزالي هي كراهة تحريم ويأثم بقصده ويدل عليه قوله وانما لكل امرئ ما نوى فمن نوى بعقد البيع الربا وقع في الربا ولا يخلصه من الاثم صورة البيع ومن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللا ودخل في الوعيد على ذلك باللعن ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح وكل شئ قصد به تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله كان إثما ولا فرق في حصول الاثم في التحيل على الفعل المحرم بين الفعل الموضوع له والفعل الموضوع لغيره إذا جعل ذريعة له واستدل به على أنه لا تصح العبادة من الكافر ولا المجنون لأنهما ليسا من أهل العبادة وعلى سقوط القود في شبه العمد لأنه لم يقصد القتل وعلى عدم مؤاخذة المخطئ والناسي والمكره في الطلاق والعتاق ونحوهما وقد تقدم ذلك في أبوابه واستدل به لمن قال كالمالكية اليمين على نية المحلوف له ولا تنفعه التورية وعكسه غيرهم وقد تقدم بيانه في الايمان واستدلوا بما أخرجه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا اليمين على نية المستحلف وفي لفظ له يمينك على ما يصدقك به صاحبك وحمله الشافعي على ما إذا كان المستحلف الحاكم واستدل به لمالك على القول بسد الذرائع واعتبار المقاصد بالقرائن كما تقدمت الإشارة إليه وضبط بعضهم ذلك بأن الألفاظ بالنسبة إلى مقاصد المتكلم ثلاثة أقسام أحدها أن تظهر المطابقة إما يقينا وإما ظنا غالبا والثاني أن يظهر أن المتكلم لم يرد معناه إما يقينا وإما ظنا والثالث أن يظهر في معناه ويقع التردد ف إرادة غيره وعدمها على حد سواء فإذا ظهر قصد المتكلم لمعنى ما تكلم به أو لم يظهر قصد يخالف كلامه وجب حمل كلامه على ظاهره وإذا ظهرت إرادته بخلاف ذلك فهل يستمر الحكم على الظاهر و عبرة بخلاف ذلك أو يعمل بما ظهر من إرادته فاستدل للأول بأن البيع لو كان يفسد بأن يقال هذه الصيغة فيها ذريعة إلى الربا ونية المتعاقدين فيها فاسدة ولكن إفساد البيع بما يتحقق تحريمه أولى أن يفسد به البيع من هذا الظن كما لو نوى رجل بشراء سيف أن يقتل به رجلا مسلما بغير حق فان العقد صحيح وإن كانت نيته فاسدة جزما فلم يستلزم تحريم القتل بطلان البيع وإن كان العقد لا يفسد بمثل هذا فلا يفسد بالظن والتوهم بطريق الأولى واستدل للثاني بأن النية تؤثر في الفعل فيصير بها تارة
(٢٩١)