والأجنبي في ذلك لحديث المسلم أخو المسلم فإنه المراد به أخوة الاسلام لا النسب ولذلك استشهد بقول إبراهيم هذه أختي والمراد أخوة الاسلام والا فنكاح الأخت كان حراما في ملة إبراهيم وهذه الاخوة توجب حماية أخيه المسلم والدفع عنه فلا يلزمه ما عقده ولا إثم عليه فيما يأكل ويشرب للدفع عنه فهو كما لو قيل له لتفعلن كذا أو لنقتلنك فإنه يسعه اتيانها ولا يلزمه الحكم ولا يقع عليه الاثم وقال الكرماني يحتمل أن يقرر البحث المذكور بأن يقال إنه ليس بمضطر لأنه مخير في أمور متعددة والتخيير ينافي الاكراه فكما لا اكراه في الصورة الأولى وهي الأكل والشرب والقتل كذلك لا إكراه في الصورة الثانية وهو البيع والهبة والعتق فحيث قالوا ببطلان البيع استحسانا فقد ناقضوا إذ يلزم منه القول بالاكراه وقد قالوا بعدم الاكراه (قلت) ولقاتل أن يقول بعدم الاكراه أصلا وانما أثبتوه بطريق القياس في الجميع لكن استحسنوا في أمر المحرم لمعنى قام به وقوله في أول التقرير في أمور متعددة ليس كذلك بل الذي يظهر أن أو فيه للتنويع لا للتخيير وأنها أمثلة لا مثال واحد ثم قال الكرماني وقوله أي البخاري ان تفريقهم بين المحرم وغيره شئ قالوا لا يدل عليه كتاب ولا سنة أي ليس فيما يدل على الفرق بينهما في باب الاكراه وهو أيضا كلام استحساني قال وأمثال هذه المباحث غير مناسبة لوضع هذا الكتاب إذ هو خارج عن فنه (قلت) وهو عجب منه لان كتاب البخاري كما تقدم تقريره لم يقصد به إيراد الأحاديث نقلا صرفا بل ظاهر وضعه أنه يجعل كتابا جامعا للأحكام وغيرها وفقهه في تراجمه فلذلك يورد فيه كثيرا الاختلاف العالي ويرجح أحيانا ويسكت أحيانا توقفا عن الجزم بالحكم ويورد كثيرا من التفاسير ويشير فيه إلى كثير من العلل وترجيح بعض الطرق على بعض فإذا أورد فيه شيئا من المباحث لم تستغرب وأما رمزه إلى أن طريقة البحث ليست من فنه فتلك شكاة ظاهر عنك عارها فللبخاري أسوة بالأئمة الذين سلك طريقهم كالشافعي وأبي ثور والحميدي وأحمد وإسحاق فهذه طريقتهم في البحث وهي محصلة للمقصود وان لم يعرجوا على اصطلاح المتأخرين (قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم لامرأته) في رواية الكشميهني لسارة (قوله هذه أختي وذلك في الله) هذا طرف من قصة إبراهيم وسارة مع الجبار وقد وصله في أحاديث الأنبياء وليس فيه وذلك في الله بل تقدم هناك ثنتان منهما في ذات الله قوله اني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا ومفهومه أن الثالثة وهي قوله هذه أختي ليست في ذات الله فعلى هذا فقوله وذلك في الله من كلام البخاري ولا مخالفة بينه وبين مفهوم الحديث المذكور لان المراد أنهما من جهة محض الامر الإلهي بخلاف الثالثة فان فيها شائبة نفع وحظ له ولا ينفي أن يكون في الله أي من أجل توصله بذلك إلى السلامة مما أراده الجبار منها أو منه (قوله وقال النخعي إذا كان المستحلف ظالما فنية الحالف وإن كان مظلوما فنية المستحلف) وصله محمد بن الحسن في كتاب الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عنه بلفظ إذا استحلف الرجل وهو مظلوم فاليمين على ما نوى وعلى ما ورى وإذا كان ظالما فاليمين على نية من استحلفه وصله ابن أبي شيبة من طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي بلفظ إذا كان الحالف مظلوما فله أن يوري وإن كان ظالما فليس له أن يورى قال ابن بطال قول النخعي يدل على أن النية عنده نية المظلوم أبدا والى مثله ذهب مالك والجمهور وعند أبي حنيفة النية نية الحالف أبدا (قلت) ومذهب الشافعي أن الحلف إن كان عند الحاكم فالنية
(٢٨٨)