والقابسي أن الذين توفاهم فساق إلى قوله في الأرض وقال بعدها إلى قوله واجعل لنا من لدنك نصيرا وفيه تغيير ووقع في رواية النسفي إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم الآيات قال ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله إلى قوله نصيرا وهو صواب وإن كانت الآيات الأولى متراخية في السورة عن الآية الأخيرة فليس فيه شئ من التغيير وانما صدر بالآيات المتراخية للإشارة على إلى ما روى عن مجاهد أنها نزلت في ناس من أهل مكة فكتب إليهم من المدينة فانا لا نراكم منا إلا إن هاجرتم فأخرجوا فأدركهم أهلهم بالطريق ففتنوهم حتى كفروا مكرهين وأقتصر ابن بطال على هذا الأخير وعزاه للمفسرين وقال ابن بطال ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى أن يعفو عنهم وقال إلا المستضعفين إلى الظالم أهلها (قلت) وليس فيه تغيير من التلاوة إلا أن فيه تصرفا فيما ساقه المصنف وقال ابن التين بعد أن تكلم على قصة عمار إلى أن قال ولكن من شرح بالكفر صدرا أي من فتح صدره بقبوله وقوله الذين توفاهم الملائكة إلى قوله واجعل لنا من لدنك نصيرا ليس التلاوة كذلك لان قوله واجعل لنا من لدنك نصيرا قبل هذا قال ووقع في بعض النسخ إلى قوله غفورا رحيما وفي بعضها فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وقال إلا المستضعفين من الرجال إلى قوله من لدنك نصيرا وهذا على نسق التنزيل كذا قال فأخطأ فالآية التي آخرها نصيرا في أولها والمستضعفين بالواو لا بلفظ إلا وما نقله عن بعض النسخ إلى قوله غفورا رحيما محتمل لان آخر الآية التي أولها ان الذين توفاهم الملائكة قوله وساءت مصيرا وآخر التي بعدها سبيلا وآخر التي بعدها عفوا غفورا وآخر التي بعدها غفورا رحيما فكأنه أراد سياق أربع آيات (قوله فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به) يعني إلا إذا غلبوا قال والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمره به أي ما يأمره به من له قدره على إيقاع الشر به أي لأنه لا يقدر على الامتناع من الترك كما لا يقدر المكره على الامتناع من الفعل فهو في حكم المكره (قوله وقال الحسن) أي البصري (التقية إلى يوم القيامة) وصله عبد بن حميد وابن أبي شيبة من رواية عوف الأعرابي عن الحسن البصري قال التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة إلا أنه كان لا يجعل في القتل تقية ولفظ عبد بن حميد إلا في قتل النفس التي حرم الله يعني لا يعذر من أكره على قتل غيره لكونه يؤثر نفسه على نفس غيره (قلت) ومعنى التقية الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير وأصله وفية بوزن حمزة فعلة من الوقاية وأخرج البيهقي من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال التقية باللسان والقلب مطمئن بالايمان ولا يبسط يده للقتل (قوله وقال ابن عباس فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشئ وبه قال ابن عمر وابن الزبير والشعبي والحسن) أما قول ابن عباس فوصله ابن أبي شيبة من طريق عكرمة أنه سئل عن رجل أكرهه اللصوص حتى طلق امرأته فقال قال ابن عباس ليس بشئ أي لا يقع عليه طلاق وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى طلاق المكره شيئا وأما قول بن عمر وابن الزبير فأخرجهما الحميدي في جامعه والبيهقي من طريقه قال حدثنا سفيان سمعت عمرا يعني ابن دينار حدثني ثابت الأعرج قال تزوجت أم ولد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فدعاني ابنه ودعا غلامين له فربطوني وضربوني بالسياط
(٢٧٩)