أبو داود من طريق الأعمش عن أبي قيس لكن لم يقل وهو الأمير وكذا للترمذي وابن ماجة والطحاوي والدارمي من طرق عن سفيان الثوري بزيادة سلمان بن ربيعة مع أبي موسى وقد ذكروا أن سلمان المذكور كان على قضاء الكوفة (قوله وائت بن مسعود فسيتابعني في رواية الأعمش والثوري المشار إليهما فقال له أبو موسى وسلمان بن ربيعة وفيها أيضا فسيتابعنا وهذا قاله أبو موسى على سبيل الظن لأنه اجتهد في المسألة ووافقه سلمان فظن أن بن مسعود يوافقهما ويحتمل أن يكون سبب قوله ائت ابن مسعود الاستثبات (قوله فقال لقد ضللت إذا) قاله جوابا عن قول أبي موسى أنه سيتابعه وأشار إلى أنه لو تابعه لخالف صريح السنة عنده وأنه لو خالفها عامدا لضل (قوله أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية الدارقطني من طريق حجاج بن أرطاة عن عبد الرحمن بن مروان فقال ابن مسعود كيف أقول يعني مثل قول أبي موسى وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره (قوله فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود) فيه إشارة إلى أن هزيلا الراوي توجه مع السائل إلى ابن مسعود فسمع جوابه فعاد إلى أبي موسى معهم فأخبروه (قوله لا تسألوني ما دام هذا الحبر) بفتح مهملة وبكسرها أيضا وسكون الموحدة حكاه الجوهري ورجح الكسر وجزم الفراء بأنه بالكسر وقال سمي باسم الحبر الذي يكتب به وقال أبو عبيد الهروي هو العالم بتحبير الكلام وتحسينه وهو بالفتح في رواية جميع المحدثين وأنكر أبو الهيثم الكسر وقال الراغب سمي العالم حبرا لما يبقى من أثر علومه وكانت هذه القصة في زمن عثمان لأنه هو الذي أمر أبا موسى على الكوفة وكان ابن مسعود قبل ذلك أميرها ثم عزل قبل ولاية أبي موسى عليها بمدة قال ابن بطال فيه ان العالم يجتهد إذا ظن أن لا نص في المسألة ولا يتولى الجواب إلى أن يبحث عن ذلك وفيه أن الحجة عند التنازع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيجب الرجوع إليها وفيه ما كانوا عليه من الانصاف والاعتراف بالحق والرجوع إليه وشهادة بعضهم لبعض بالعلم والفضل وكثرة اطلاع ابن مسعود على السنة وتثبت أبي موسى في الفتيا حيث دل على من ظن أنه أعلم منه قال ولا خلاف بين الفقهاء فيما رواه ابن مسعود وفي جواب أبي موسى إشعار بأنه رجع عما قاله قال ابن عبد البر لم يخالف في ذلك إلا أبو موسى الأشعري وسلمان بن ربيعة الباهلي وقد رجع أبو موسى عن ذلك ولعل سلمان أيضا رجع كأبي موسى وسلمان المذكور مختلف في صحبته وله أثر في فتوح العراق أيام عمر وعثمان واستشهد في زمن عثمان وكان يقال له سلمان الخيل لمعرفته بها واستدل الطحاوي بحديث ابن مسعود هذا على أن المراد بحديث بن عباس فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر من يكون أقرب العصبات إلى الميت فلو كان هناك عصبة أقرب إلى الميت ولو كانت أنثى كان المال الباقي لها ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الأخوات من قبل الأب مع البنت عصبة فصرن مع البنات في حكم الذكور من قبل الإرث وقال غيره وجه كون الولد المذكور في قوله تعالى إن امرؤ هلك ليس له ولد ذكرا أنه الذي يسبق إلى الوهم من قول القائل قال ولد فلان كذا فأول ما يقع في نفس السامع أن المراد الذكر وإن كان الإناث أيضا أولادا بالحقيقة ولكن هو أمر شائع وقد قال الله تعالى إنما أموالكم وأولادكم فتنة وقال لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم وقال حكاية عن الكافر الذي قال لأوتين مالا وولدا والمراد بالأولاد والولد في هذه
(١٤)