وبيان اختلاف ألفاظ نقلته عن علي وبيان المراد بالعقل وفكاك الأسير وأما ترك قتل المسلم بالكافر فأخذ به الجمهور إلا أنه يلزم من قول مالك في قاطع الطريق ومن في معناه إذا قتل غيلة أن يقتل ولو كان المقتول ذميا استثناء هذه الصورة من منع قتل المسلم بالكافر وهي لا تستثني في الحقيقة لان فيه معنى آخر وهو الفساد في الأرض وخالف الحنفية فقالوا يقتل المسلم بالذمي إذا قتله بغير استحقاق ولا يقتل بالمستأمن وعن الشعبي والنخعي يقتل باليهودي والنصراني دون المجوسي واحتجوا بما وقع عند أبي داود من طريق الحسن عن قيس بن عباد عن علي بلفظ لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده وأخرجه أيضا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأخرجه ابن ماجة من حديث ابن عباس والبيهقي عن عائشة ومعقل ابن يسار وطرقه كلها ضعيفة إلا طريق الأولى والثانية فان سند كل منهما حسن وعلى تقدير قبوله فقالوا وجه الاستدلال منه أن تقديره ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر قالوا وهو من عطف الخاص على العام فيقتضى تخصيصه لان الكافر الذي يقتل به ذو العهد هو الحربي دون المساوى له والأعلى فلا يبقى من يقتل بالمعاهد إلا الحربي فيجب أن يكون الكافر الذي لا يقتل به المسلم هو الحربي تسويه بين المعطوف والمعطوف عليه قال الطحاوي ولو كانت فيه دلاله على نفي قتل المسلم بالذمي لكان وجه الكلام أن يقول ولا ذي عهد في عهده وإلا لكان لحنا والنبي صلى الله عليه وسلم لا يلحن فلما لم يكن كذلك علمنا أن ذا العهد هو المعنى بالقصاص فصار التقدير لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر قال ومثله في القرآن واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن فان التقدير واللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن وتعقب بان الأصل عدم التقدير والكلام مستقيم بغيره إذا جعلنا الجملة ويؤيده اقتصار الحديث الصحيح على الجملة الأولى ولو سلم أنها للعطف فالمشاركة في أصل النفي لا من كل وجه وهو كقول القائل مررت بزيد منطلقا وعمرو فإنه لا يوجب أن يكون بعمرو منطلقا أيضا بل المشاركة في أصل المرور وقال الطحاوي أيضا لا يصح حمله على الجملة المستأنفة لان سياق الحديث فيما يتعلق بالدماء التي يسقط بعضها ببعض لان في بعض طرقه المسلمون تتكافأ دماؤهم وتعقب بان هذا الحصر مردود فان في الحديث أحكاكا كثيرة غير هذه وقد أبدى الشافعي له مناسبة فقال يشبه أن يكون لما أعلمهم أن لا قود بينهم وبين الكفار أعلمهم أن دماء أهل الذمة والعهد محرمة عليهم بغير حق فقال لا يقتل مسلم بكافر ولا يقتل ذو عهد في عهده ومعنى الحديث لا يقتل مسلم بكافر قصاصا ولا يقتل من له عهد ما دام عهده باقيا وقال ابن السمعاني وأما حملهم الحديث على المستأمن فلا يصح لان العبرة بعموم اللفظ حتى يقوم دليل على التخصيص ومن حيث المعنى ان الحكم الذي يبنى في الشرع على الاسلام والكفر إنما هو لشرف الاسلام أو لنقص الكفر أو لهما جميعا فان الاسلام ينبوع الكرامة والكفر ينبوع الهوان وأيضا إباحة دم الذمي شبهة قائمة لوجود الكفر المبيح للدم والذمة إنما هي عهد عارض منع القتل مع بقاء العلة فمن الوفاء بالعهد أن لا يقتل المسلم ذميا فان اتفق القتل لم يتجه القول بالقود لان الشبهة المبيحة لقتله موجودة ومع قيام الشبهة لا يتجه القود (قلت) وذكر أبو عبيد بسند صحيح عن زفر أنه رجع
(٢٣١)