والمراد بجرحها وهي بفتح الجيم لا غير كما نقله في عن الأزهري ما يحصل بالواقع فيها من الجراحة وليست الجراحة مخصوصة بذلك بل كل الاتلافات ملحقة بها قال عياض وجماعة انما عبر بالجرح لأنه الأغلب أو هو مثال نبه به على ما عداه والحكم في جميع الاتلاف بها سواء كان على نفس أو مال وراية الأكثر تتناول ذلك على بعض الآراء ولكن الراجح الذي يحتاج لتقدير لا عموم فيه قال بن بطال وخالف الحنفية في ذلك فضمنوا حافر البئر مطلقا قياسا على راكب الدابة ولا قياس مع النص قال ابن العربي اتفقت الروايات المشهورة على التلفظ بالبئر وجاءت رواية شاذة بلفظ النار جبار بنون وألف ساكنة قبل الراء ومعناه عندهم أن من استوقد نارا مما يجوز له فتعدت حتى أتلفت شيئا فلا ضمان عليه قال وقال بعضهم صحفها بعضهم لان أهل اليمن يكتبون النار بالياء لا بالألف وظن بعضهم البئر الموحدة النار بالنون فرواها كذلك (قلت) هذا التأويل نقله ابن عبد البر وغيره عن يحيى بن معين وجزم بأن معمرا صحفه حيث رواه عن همام عن أبي هريرة قال ابن عبد البر ولم يأت ابن معين على قوله بدليل وليس بهذا ترد أحاديث الثقات (قلت) ولا يعترض على الحفاظ الثقات بالاحتمالات ويؤيده ما قال ابن معين اتفاق الحفاظ من أصحاب أبي هريرة على ذكر البئر دون النار وقد ذكر مسلم أن علامة المنكر في حديث المحدث أن يعمد إلى مشهور لكثرة الحديث والأصحاب فيأتي عنه بما ليس عنده وهذا من ذاك ويؤيده أيضا أنه وقع عند أحمد من حديث جابر بلفظ والجب جبار بجيم مضمومة وموحدة ثقيلة وهي البئر وقد اتفق الحفاظ على تغليظ سفيان بن حسين حيث روى عن الزهري في حديث الباب الرجل جبار بكسر الراء وسكون الجيم وما ذاك إلا أن الزهري مكثر من الحديث والأصحاب فتفرد سفيان عنه بهذا اللفظ فعد منكرا وقال الشافعي لا يصح هذا وقال الدارقطني رواه عن أبي هريرة سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعبيد الله بن عبد الله والأعرج وأبو صالح ومحمد بن زياد ومحمد بن سيرين فلم يذكروها وكذلك رواه أصحاب الزهري وهو المعروف نعم الحكم الذي نقله ابن العربي صحيح ويمكن أن يتلقى من حيث المعنى من الالحاق بالعجماء ويلتحق به كل جماد فلو أن شخصا عثر فوق رأسه في جدار فمات أو انكسر لم يجب على صاحب الجدار شئ (قوله والمعدن جبار) وقع في رواية الأسود بن العلاء عند مسلم والمعدن جرحها جبار والحكم فيه ما تقدم في البئر لكن البئر مؤنثة والمعدن مذكر فكأنه ذكره بالتأنيث للمؤاخاة أو لملاحظة أرض المعدن فلو حفر معدنا في ملكه أو في موات فوقع فيه شخص فمات فدمه هدر وكذا لو استأجر أجيرا يعمل له فانهارت عليه فمات ويلتحق بالبئر والمعدن في ذلك كل أجير على عمل كمن أستأجر على صعود نخلة فسقط منها فمات (قوله وفي الركاز الخمس) تقدم شرحه مستوفى في كتاب الزكاة (قوله باب العجماء جبار) أفردها بترجمة لما فيها من التفاريع الزائدة عن البئر والمعدن وتقدمت الإشارة إلى ذلك (قوله وقال ابن سيرين كانوا لا يضمنون) بالتشديد (من النفحة) بفتح النون وسكون الفاء ثم حاء مهملة أي الضرب بالرجل يقال نفحت الدابة إذا ضربت برجلها ونفح بالمال رمى به ونفح عن فلان ونافح دفع ودافع (قوله ويضمنون من رد العنان) بكسر المهملة ثم نون خفيفة هو ما يوضع في فم الدابة ليصرفها الراكب كما يختار والمعنى أن الدابة إذا كانت مركوبة فلفت الراكب عنانها فأصابت برجلها شيئا ضمنه الراكب وإذا ضربت برجلها من
(٢٢٦)