بيت المقدس فاما العروج ففي غير هذه الرواية من الاخبار انه لم يكن على البراق بل رقي المعراج وهو السلم كما وقع مصرحا به في حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل ولفظه فإذا انا بدابة كالبغل مضطرب الاذنين يقال له البراق وكانت الأنبياء تركبه قبلي فركبته فذكر الحديث قال ثم دخلت انا وجبريل بيت المقدس فصليت ثم أتيت بالمعراج وفي رواية ابن إسحاق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما فرغت مما كان في بيت المقدس اتي بالمعراج فلم أر قط شيئا كان أحسن منه وهو الذي يمد إليه الميت عينيه إذا حضر فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء الحديث وفي رواية كعب فوضعت له مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب حتى عرج هو وجبريل وفي رواية لأبي سعيد في شرف المصطفى انه اتي بالمعراج من جنة الفردوس وانه منضد باللؤلؤ وعن يمينه ملائكة وعن يساره ملائكة واما المحتج بالتعدد فلا حجة له لاحتمال ان يكون التقصير في ذلك الاسراء من الراوي وقد حفظه ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالبراق فوصفه قال فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل باناءين فذكر القصة قال ثم عرج بي إلى السماء وحديث أبي سعيد دال على الاتحاد وقد تقدم شئ من هذا البحث في أول الصلاة وقوله في رواية ثابت فربطته بالحلقة أنكره حذيفة فروى أحمد والترمذي من حديث حذيفة قال تحدثون انه ربطه أخاف ان يفر منه وقد سخره له عالم الغيب والشهادة قال البيهقي المثبت مقدم على النافي يعني من أثبت ربط البراق والصلاة في بيت المقدس معه زيادة علم على من نفى ذلك فهو أولى بالقبول ووقع في رواية بريدة عند البزار لما كان ليلة أسري به فأتى جبريل الصخرة التي ببيت المقدس فوضع أصبعه فيها فخرقها فشد بها البراق ونحوه للترمذي وأنكر حذيفة أيضا في هذا الحديث انه صلى الله عليه وسلم صلى في بيت المقدس واحتج بأنه لو صلى فيه لكتب عليكم الصلاة فيه كما كتب عليكم الصلاة في البيت العتيق والجواب عنه منع التلازم في الصلاة إن كان أراد بقوله كتب عليكم الفرض وان أراد التشريع فنلتزمه وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في بيت المقدس فقرنه بالمسجد الحرام ومسجده في شد الرحال وذكر فضيلة الصلاة فيه في غير ما حديث وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها وفيه فدخلت انا وجبريل بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين وفي رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه نحوه وزاد ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع وساجد ثم أقيمت الصلاة فأممتهم وفي رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس عند ابن أبي حاتم فلم البث الا يسيرا حتى اجتمع ناس كثير ثم اذن مؤذن فأقيمت الصلاة فقمنا صفوفا ننتظر من يؤمنا فأخذ بيدي جبريل فقدمني فصليت بهم وفي حديث ابن مسعود عند مسلم وحانت الصلاة فأممتهم وفي حديث ابن عباس عند أحمد فلما اتى النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى قام يصلي فإذا النبيون أجمعون يصلون معه وفي حديث عمر عند أحمد أيضا انه لما دخل بيت المقدس قال أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم إلى القبلة فصلى وقد تقدم شئ من ذلك في الباب الذي قبله قال عياض يحتمل ان يكون صلى بالأنبياء جميعا في بيت المقدس ثم صعد منهم إلى السماوات من ذكر انه صلى الله عليه وسلم رآه ويحتمل أن تكون صلاته بهم
(١٦٠)