يجمع القول والعمل والنية والظل بمنزلة العمل والطعم بمنزلة النية والرائحة بمنزلة القول (قوله وإذا أربعة انهار) في بدء الخلق فإذا في أصلها أي في أصل سدرة المنتهى أربعة انهار ولمسلم يخرج من أصلها ووقع في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أربعة انهار من الجنة النيل والفرات وسيحان وجيحان فيحتمل أن تكون سدرة المنتهى مغروسة في الجنة والأنهار تخرج من تحتها فيصح انها من الجنة (قوله (2) اما الباطنان ففي الجنة) قال ابن أبي جمرة فيه ان الباطن أجل من الظاهر لان الباطن جعل في دار البقاء والظاهر جعل في دار الفناء ومن ثم كان الاعتماد على ما في الباطن كما قال صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم (قوله واما الظاهران فالنيل والفرات) وقع في رواية شريك كما سيأتي في التوحيد انه رأى في السماء الدنيا نهرين يطردان فقال له جبريل هما النيل والفرات عنصرهما والجمع بينهما انه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة ورآهما في السماء الدنيا دون نهري الجنة وأراد بالعنصر عنصر امتيازهما بسماء الدنيا كذا قال ابن دحية ووقع في حديث شريك أيضا ومضى به يرقى السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر فقال ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ووقع في رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس عند ابن أبي حاتم انه بعد أن رأى إبراهيم قال ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى إلى نهر عليه خيام اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعليه طير خضر أنعم طير رأيت قال جبريل هذا الكوثر الذي أعطاك الله فإذا فيه آنية الذهب والفضة يجري على رضراض من الياقوت والزمرد ماؤه أشد بياضا من اللبن قال فأخذت من آنيته فاغترفت من ذلك الماء فشربت فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك وفي حديث أبي سعيد فإذا فيها عين تجري يقال لها السلسبيل فينشق منها نهران أحدهما الكوثر والآخر يقال له نهر الرحمة (قلت) فيمكن ان يفسر بهما النهران الباطنان المذكوران في حديث الباب وكذا روي عن مقاتل قال الباطنان السلسبيل والكوثر واما الحديث الذي أخرجه مسلم بلفظ سيحان وجيحان والنيل والفرات من انهار الجنة فلا يغاير هذا لان المراد به ان في الأرض أربعة انهار أصلها من الجنة وحينئذ لم يثبت لسيحون وجيحون انهما ينبعان من أصل سدرة المنتهى فيمتاز النيل والفرات عليهما بذلك واما الباطنان المذكوران في حديث الباب فهما غير سيحون وجيحون والله أعلم قال النووي في هذا الحديث ان أصل النيل والفرات من الجنة وانهما يخرجان من أصل سدرة المنتهى ثم يسيران حيث شاء الله ثم ينزلان إلى الأرض ثم يسيران فيها ثم يخرجان منها وهذا لا يمنعه العقل وقد شهد به ظاهر الخبر فليعتمد واما قول عياض ان الحديث يدل على أن أصل سدرة المنتهى في الأرض لكونه قال إن النيل والفرات يخرجان من أصلها وهما بالمشاهدة يخرجان من الأرض فيلزم منه ان يكون أصل السدرة في الأرض وهو متعقب فان المراد بكونهما يخرجان من أصلها غير خروجهما بالنبع من الأرض والحاصل ان أصلها في الجنة وهما يخرجان أولا من أصلها ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض ثم ينبعان واستدل به على فضيلة ماء النيل والفرات لكون منبعهما من الجنة وكذا سيحان وجيحان قال القرطبي لعل ترك ذكرهما في حديث الاسراء لكونهما ليسا أصلا برأسهما وانما يحتمل ان يتفرعا عن النيل والفرات قال وقيل انما اطلق على هذه الأنهار انها من الجنة تشبيها
(١٦٦)