بالمشاركة وسيأتي نظير هذا البحث في ركوب البراق (قوله ثم أتيت بدابة) قيل الحكمة في الاسراء به راكبا مع القدرة على طي الأرض له إشارة إلى أن ذلك وقع تأنيسا له بالعادة في مقام خرق العادة لان العادة جرت بأن الملك إذا استدعي من يختص به يبعث إليه بما يركبه (قوله دون البغل وفوق الحمار أبيض) كذا ذكر باعتبار كونه مركوبا أو بالنظر للفظ البراق والحكمة لكونه بهذه الصفة الإشارة إلى أن الركوب كان في سلم وامن لا في حرب وخوف أو لاظهار المعجزة بوقوع الاسراع الشديد بدابة لا توصف بذلك في العادة (قوله فقال له الجارود هو البراق يا أبا حمزة قال أنس نعم) هذا يوضح ان الذي وقع في رواية بدء الخلق بلفظ دون البغل وفوق الحمار البراق أي هو البراق وقع بالمعنى لان أنسا لم يتلفظ بلفظ البراق في رواية قتادة (قوله يضع خطوه) بفتح المعجمة أوله المرة الواحدة وبضمها الفعلة (قوله عند أقصى طرفه) بسكون الراء وبالفاء أي نظره أي يضع رجله عند منتهى ما يرى بصره وفي حديث ابن مسعود عند أبي يعلى والبزار إذا اتى على جبل ارتفعت رجلاه وإذا هبط ارتفعت يداه وفي رواية لابن سعد عن الواقدي بأسانيده له جناحان ولم أرها لغيره وعند الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس في صفة البراق لها خد كخد الانسان وعرف كالفرس وقوائم كالإبل وأظلاف وذنب كالبقر وكان صدره ياقوتة حمراء قيل ويؤخذ من ترك تسمية سير البراق طيرانا ان الله إذا أكرم عبدا بتسهيل الطريق له حتى قطع المسافة الطويلة في الزمن اليسير ان لا يخرج بذلك عن اسم السفر وتجري عليه احكامه والبراق بضم الموحدة وتخفيف الراء مشتق من البريق فقد جاء في لونه انه أبيض أو من البرق لأنه وصفه بسرعة السير أو من قولهم شاة برقاء إذا كان خلال صوفها الأبيض طاقات سود ولا ينافيه وصفه في الحديث بأن البراق أبيض لان البرقاء من الغنم معدودة في البياض انتهى ويحتمل ان لا يكون مشتقا قال ابن أبي جمرة خص البراق بذلك إشارة إلى الاختصاص به لأنه لم ينقل ان أحدا ملكه بخلاف غير جنسه من الدواب قال والقدرة كانت صالحة لان يصعد بنفسه من غير براق ولكن ركوب البراق كان زيادة له في تشريفه لأنه لو صعد بنفسه لكان في صورة ماش والراكب أعز من الماشي (قوله فحملت عليه) في رواية لأبي سعيد في شرف المصطفى فكان الذي أمسك بركابه جبريل وبزمام البراق ميكائيل وفي رواية معمر عن قتادة عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به اتي بالبراق مسرجا ملجما فاستصعب عليه فقال له جبريل ما حملك على هذا فوالله ما ركبك خلق قط أكرم على الله منه قال فارفض عرقا أخرجه الترمذي وقال حسن غريب وصححه ابن حبان وذكر ابن إسحاق عن قتادة انه لما شمس وضع جبريل يده على معرفته فقال اما تستحي فذكر نحوه مرسلا لم يذكر أنسا وفي رواية وثيمة عن ابن إسحاق فارتعشت حتى لصقت بالأرض فاستويت عليها وللنسائي وابن مردويه من طريق يزيد بن أبي مالك عن أنس نحوه موصولا وزاد وكانت تسخر للأنبياء قبله ونحوه في حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق وفيه دلالة على أن البراق كان معدا لركوب الأنبياء خلافا لمن نفى ذلك كابن دحية وأول قول جبريل فما ركبك أكرم على الله منه أي ما ركبك أحد قط فكيف يركبك أكرم منه وقد جزم السهيلي ان البراق استصعب عليه لبعد عهده بركوب الأنبياء قبله قال النووي قال الزبيدي في مختصر العيني وتبعه صاحب التحرير كان الأنبياء يركبون البراق قال وهذا يحتاج إلى نقل صحيح (قلت) قد ذكرت النقل بذلك ويؤيده ظاهر قوله فربطته بالحلقة
(١٥٨)