المشركين يؤذون المسلمين وهو آمن رد على الوليد جواره فبينما هو في مجلس لقريش وقد وفد عليهم لبيد بن ربيعة فقعد ينشدهم من شعره فقال لبيد * الا كل شئ ما خلا الله باطل * فقال عثمان بن مظعون صدقت فقال لبيد * وكل نعيم لا محالة زائل * فقال عثمان كذبت نعيم الجنة لا يزول فقال لبيد متى كان يؤذى جليسكم يا معشر قريش فقام رجل منهم فلطم عثمان فاخضرت عينه فلامه الوليد على رد جواره فقال قد كنت في ذمة منيعة فقال عثمان ان عيني الأخرى لما أصاب أختها لفقيرة فقال له الوليد فعد إلى جوارك فقال بل ارضى بجوار الله تعالى (قلت) وقد أسلم لبيد بعد ذلك وهو ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر العامري ثم الكلابي ثم الجعفري يكنى أبا عقيل وذكره في الصحابة البخاري وابن أبي خيثمة وغيرهما وقال لعمر لما سأله عما قاله من الشعر في الاسلام قد أبدلني الله بالشعر سورة البقرة ثم سكن الكوفة ومات بها في خلافة عثمان وعاش مائة وخمسين سنة وقيل أكثر وهو القائل ولقد سئمت من الحياة وطولها * وسؤال هذا الناس كيف لبيد وهذا يعكر على من قال إنه لم يقل شعرا منذ أسلم الا ان يريد القطع المطولة لا البيت والبيتين والله أعلم (قوله وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) اسم أبي الصلت ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة بكسر المعجمة وفتح التحتانية بن عوف بن ثقيف الثقفي وقيل في نسبه غير ذلك أبو عثمان كان ممن طلب الدين ونظر في الكتب ويقال انه ممن دخل في النصرانية وأكثر في شعره من ذكر التوحيد والبعث يوم القيامة وزعم الكلاباذي انه كان يهوديا وروى الطبراني من حديث معاوية بن أبي سفيان عن أبيه انه سافر مع أمية فذكر قصته وانه سأله عن عتبة بن ربيعة وعن سنه ورياسته فأعلمه انه متصف بذلك فقال أزري به ذلك فغضب أبو سفيان فأخبره أمية انه نظر في الكتب ان نبيا يبعث من العرب أظل زمانه قال فرجوت ان أكونه قال ثم نظرت فإذا هو من بني عبد مناف فنظرت فيهم فلم أر مثل عتبة فلما قلت لي انه رئيس وانه جاوز الأربعين عرفت انه ليس هو قال أبو سفيان فما مضت الأيام حتى ظهر محمد صلى الله عليه وسلم فقلت لامية قال نعم انه لهو قلت أفلا نتبعه قال استحي من نسيات ثقيف اني كنت أقول لهن انني انا هو ثم أصير تابعا لغلام من بني عبد مناف وذكر أبو الفرج الأصبهاني أنه قال عند موته انا اعلم أن الحنيفية حق ولكن الشك يداخلني في محمد وروى الفاكهي وابن منده من حديث ابن عباس ان الفارعة بنت أبي الصلت أخت أمية أتت النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته من شعره فقال آمن شعره وكفر قلبه وروى مسلم من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال ردفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل معك من شعر أمية قلت نعم فأنشدته مائة بيت فقال لقد كاد أن يسلم في شعره وروى ابن مردويه بإسناد قوي عن عبد الله ابن عمرو بن العاص قال في قوله تعالى واتل عليهم نبا الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال نزلت في أمية بن أبي الصلت وروى من أوجه انها نزلت في بلعام الإسرائيلي وهو المشهور وعاش أمية حتى أدرك وقعة بدر ورثى من قتل بها من الكفار كما سيأتي شئ من ذلك في أبواب الهجرة ومات أمية بعد بذلك سنة تسع وقيل مات سنة اثنتين ذكره سبط بن الجوزي واعتمد في ذلك ما نقله عن ابن هشام ان أمية قدم من الشام على أن يأخذ ماله من الطائف ويهاجر إلى المدينة فنزل في طريقه ببدر قيل له أتدري من في القليب قال لا قيل فيه عتبة وشيبة وهما ابنا خالك وفلان وفلان فشق
(١١٦)