الدار التي ضمت مع الشرك قلت ولا تجعل فيها شفعة إذا جمعتهما الصفقة وفى إحداهما شفعة؟ قال: لا قلت فكذلك يلزمك أن تقول إن بيعت الطريق وهي مما يجوز بيعه وقسمه ففيها شفعة ولا شفعة فيما قسم من الدار قال: فإن قال فإنما ذهبت فيه إلى الحديث نفسه قيل سمعنا بعض أهل العلم بالحديث يقول نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظا قال:
ومن أين؟ قلت إنما رواه عن جابر بن عبد الله وقد روى أبو سلمة عن جابر مفسرا أن رسول الله قال " الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة " وأبو سلمة من الحفاظ وروى أبو الزبير وهو من الحفاظ عن جابر ما يوافق قول أبى سلمة ويخالف ما روى عبد الملك (قال الشافعي) وفيه من الفرق بين الشريك وبين المقاسم ما وصفت جملته في أول الكتاب فكان أولى الأحاديث أن يؤخذ به عندنا والله أعلم لأنه أثبتها إسنادا وأبينها لفظا عن النبي وأعرفها في الفرق بين المقاسم وغير المقاسم.
باب في بكاء الحي على الميت حدثنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبن أبى بكر عن أبيه عن عمرة أنها سمعت عائشة وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول " إن الميت لعذب ببكاء الحي " فقالت عائشة أما إنه لم يكذب ولكنه أخطأ أو نسي إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية وهي يبكى عليها أهلها فقال " إنهم ليبكون وأنها لتعذب في قبرها ". حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي مليكة قال توفيت ابنة لعثمان بمكة فجئنا نشهدها وحضرها ابن عباس وابن عمر فقال إني لجالس بينهما جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلى فقال ابن عمر لعمرو بن عثمان ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله قال " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه "؟ فقال ابن عباس قد كان عمر يقول بعض ذلك ثم حدث ابن عباس فقال:
صدرت مع عمر بن الخطاب من مكة حتى إذا كنا بالبيداء إذا بركب تحت ظل شجرة قال اذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ فذهبت فإذا صهيب قال ادعه فرجعت إلى صهيب فقلت ارتحل فالحق بأمير المؤمنين فلما أصيب عمر سمعت صهيبا يبكى ويقول: وا أخياه وا صاحباه فقال عمر يا صهيب تبكى على وقد قال رسول لله " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه "؟ قال فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت يرحم الله عمر لا والله ما حدث رسول الله أن الله يعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ولكن رسول الله قال " إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه " وقالت عائشة حسبكم القرآن " ولا تزر وازرة وزر أخرى " قال ابن عباس عند ذلك " والله أضحك وأبكى " وقال ابن أبي مليكة فوالله ما قال ابن عمر من شئ (قال الشافعي) وما روت عائشة عن رسول الله أشبه أن يكون محفوظا عنه صلى الله عليه وسلم بدلالة الكتاب ثم السنة. فإن قيل فأين دلالة الكتاب؟ قيل في قوله عز وجل " ولا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للانسان إلا ما سعى " وقوله " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقوله " لتجزى كل نفس بما تسعى " (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وعمرة أحفظ عن عائشة من ابن أبي مليكة وحديثها أشبه الحديثين أن يكون محفوظا فإن كان الحديث على غير ما روى ابن أبي مليكة من قول النبي " إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها " فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير لأنها تعذب بالكفر وهؤلاء يبكون ولا يدرون ما هي فيه وإن كان الحديث كما رواه ابن أبي مليكة فهو صحيح لان على الكافر عذابا أعلى فان عذب بدونه فزيد في عذابه (م 79 8)