محيصة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام فنهاه عنه فلم يزل يكلمه حتى قال له " أطعمه رقيقك وأعلفه ناضحك " أخبرنا مالك عن الزهري عن ابن شهاب عن حرام بن سعد عن أبيه أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال له " أعلفها ناضحك ورقيقك " حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن حميد عن أنس قال: حجم أبو طيبة رسول الله فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه. وأخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن حميد عن أنس أنه قيل له: احتجم رسول الله؟
قال: نعم، حجمه أبو طيبة فأعطاه صاعين وأمر مواليه أن يخفوا عنه من ضريبته وقال " إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري لصبيانكم من العذرة ولا تعذبوهم بالغمز " أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عباس. أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال: احتجم رسول الله وقال للحجام " اشكموه " (قال الشافعي) ليس في شئ من هذه الأحاديث مختلف ولا ناسخ ولا منسوخ فهم قد أخبرونا أنه قد أرخص لمحيصة أن يعلفه ناضحة ويطعمه رقيقه ولو كان حراما لم يجز رسول الله والله أعلم لمحيصة أن يملك حراما ولا يعلفه ناضحة ولا يطعمه رقيقه ورقيقه ممن عليه فرض الحلال والحرام ولم يعط رسول الله حجاما على الحجامة أجرا إلا لأنه لا يعطى إلا ما يحل له أن يعطيه وما يحل لمالكه ملكه حل له ولمن أطعمه إياه أكله قال: فإن قال قائل: فما معنى نهى رسول الله وإرخاصه في أن يطعمه الناضح والرقيق؟ قيل لا معنى له إلا واحد وهو أن من المكاسب دنيا وحسنا فكان كسب الحجام دنيا فأحب له تنزيه نفسه عن الدناءة لكثرة المكاسب التي هي أجمل فلما زاد فيه أمره أن يعلفه ناضحة ويطعمه رقيقه تنزيها له لا تحريما عليه (قال الشافعي) رضي الله عنه: وقد روى أن رجلا ذا قرابة لعثمان قدم عليه فسأله عن معاشه فذكر له غلة حمام وكسب حجام أو حجامين فقال إن كسبك لوسخ أو قال لدنئ أو قال لدنس أو كلمة تشبه ذلك.
باب الدعوى والبينات حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " البينة على المدعى " (قال الشافعي) وأحسبه ولا أثبته قال " واليمين على المدعى عليه " أخبرنا عبد الله بن الحرث عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد قال عمرو في الأموال. حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن ابن عباس ورجل آخر سماه لا أحفظ اسمه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد. حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرقا لحاجتهما فقتل عبد الله بن سهل فانطلق هو وعبد الرحمن أخو المقتول وحويصة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له قتل عبد الله بن سهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم قتيلكم أو صاحبكم " قالوا يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فتبرئكم يهود بخمسين يمينا " قالوا يا رسول الله كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقله من عنده قال بشير قال سهل لقد ركضتني فريضة من تلك الفرائض في مربد لنا (قال الشافعي) وبهذه الأحاديث كلها نأخذ وهي من الجمل التي يدل بعضها على بعض ومن