وهو يرى أن الكلام مباح بأن يرى أن قد قضى الصلاة أو نسي أنه فيها لم تفسد الصلاة قال فأنتم تروون أن ذا اليدين قتل ببدر قلت فاجعل هذا كيف شئت أليست صلاة النبي بالمدينة في حديث عمران بن حصين والمدينة إنما كانت بعد حديث ابن مسعود بمكة؟ قال: بلى قلت وليست لك إذا كان كما أردت فيه حجة لما وصفت وقد كانت بدر بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بستة عشر شهرا قال أفذو اليدين الذي رويتم عنه المقتول ببدر؟ قلت لا عمران يسميه الخرباق ويقول قصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو الشمالين ولو كان كلاهما ذا اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق الأسماء فقال بعض من ذهب مذهبه فلنا حجة أخرى قلنا وما هي؟ قال إن معاوية بن الحكم حكى أنه تكلم في الصلاة فقال رسول الله " إن الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام بني آدم " فقلت له فهذا عليك ولا لك إنما يروى مثل قول ابن مسعود سواء والوجه فيه ما ذكرت قال فإن قلت هو خلافه قلت فليس ذلك لك ونكلمك عليه فإن كان أمر معاوية قبل أمر ذي اليدين فهو منسوخ ويلزمك في قولك أن يصلح الكلام في الصلاة كما يصلح في غيرها وإن كان أمر معاوية معه أو بعده فقد تكلم فيها فيما حكيت وهو جاهل بأن الكلام غير محرم في الصلاة ولم يحك أن النبي أمره بإعادة الصلاة فهو في مثل حديث ذي اليدين أو أكثر لأنه تكلم عامدا للكلام في حديثه إلا أنه حكى أنه تكلم وهو جاهل أن الكلام لا يكون محرما في الصلاة قال هذا في حديثه كما ذكرت قلت فهو عليك إن كان على ما ذكرته وليس لك إن كان كما قلنا قال فما تقول؟ قلت أقول إنه مثل حديث ابن مسعود غير مخالف حديث ذي اليدين فقال فإنكم خالفتم حين فرعتم حديث ذي اليدين قلت فخالفناه في الأصل قال لا ولكن في الفرع قلت فأنت خالفته في نصه ومن خالف النص عندك أسوأ حالا ممن ضعف نظره فأخطأ التفريع قال: نعم وكل غير معذور (قال الشافعي) فقلت له فأنت خالفت أصله وفرعه ولم نخالف نحن من أصله ولا من فرعه حرفا واحدا فعليك ما عليك في خلافه وفيما قلت من أنا خالفنا منه ما لم نخالفه قال فأسألك حتى أعلم أخالفته أم لا؟ قلت فسل قال ما تقول في إمام انصرف من اثنتين فقال له بعض من صلى معه قد انصرفت من اثنتين فسأل آخرين فقالوا صدق؟
قلت أما المأموم الذي أخبره والذين شهدوا أنه صدق وهم على ذكر من أنه لم يقض صلاته فصلاتهم فاسدة قال فأنت تروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى وتقول قد قضى معه من حضر وإن لم تذكره في الحديث قلت أجل قال فقد خالفته قلت لا ولكن حال إمامنا مفارقة حال رسول الله قال فأين افتراق حاليهما في الصلاة والإمامة؟ قال فقلت له إن الله كان ينزل فرائضه على رسوله فرضا بعد فرض فيفرض عليه ما لم يكن فرضه عليه ويخفف عنه بعض فرضه قال: أجل؟ قلت ولا نشك نحن ولا أنت ولا مسلم أن رسول الله لم ينصرف إلا وهو يرى أن قد أكمل الصلاة قال:
أجل قلت فلما فعل لم يدر ذو اليدين أقصرت الصلاة بحادث من الله أم نسي النبي وكان ذلك بينا في مسألته إذ قال أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال أجل قلت ولم يقبل النبي من ذي اليدين إذ سأل غيره قال: أجل قلت ولما سأل غيره احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه فيكون مثله واحتمل أن يكون سأل من سمع كلامه ولم يسمع النبي رد عليه فلما لم يسمع النبي رد عليه كان في معنى ذي اليدين من أنه لم يستدل النبي بقوله ولم يدر أقصرت الصلاة أم نسي النبي فأجابه ومعناه معنى ذي اليدين من أن الفرض عليهم جوابه ألا ترى أن النبي لما أخبروه فقبل قولهم لم يتكلم ولم يتكلموا حتى بنوا على صلاتهم قال فلما قبض الله رسوله تناهت فرائضه فلا يزاد فيها ولا ينقص منها أبدا قال: نعم فقلت هذا فرق بيننا وبينه فقال من حضره هذا فرق بين لا يرده عالم لبيانه ووضوحه فقال فإن من أصحابكم من قال ما تكلم به الرجل في أمر الصلاة لم يفسد صلاته قال فقلت له إنما الحجة علينا ما قلنا لا ما قال غيرنا