وما سواها ولانى لا أعلم شيئا بعد أمر المنافقين أبين من أن يقول رسول الله لملاعنة وهي حبلى إن جاءت به كذا فهو للذي يتهمه وإن جاءت به كذا فلا أحسبه إلا قد كذب عليها فتأتي به على ما وصف أنه للذي يتهمه ثم لا يحد الذي يتهم به ولا هي (قال الشافعي) وفى حديث مالك عن نافع ما في هذه الا حديث من إلحاق النبي الولد بالمرأة وذلك نفيه عن أبيه وهو أبين من هذه في نفى الولد عن أبيه عند من ليس له نظر (قال الشافعي) وليس يخالف حديث نفى الولد عمن ولد على فراشه قول النبي " الولد للفراش وللعاهر الحجر " ومعنى قوله الولد للفراش معنيان أحدهما وهو أعمهما وأولاهما أن الولد للفراش ما لم ينفه رب الفراش باللعان الذي نفاه به عنه رسول الله فإذا نفاه باللعان فهو منفى عنه وغير لاحق بمن ادعاه بزنا وإن أشبهه كما لم يلحق النبي المولود الذي نفاه زوج المرأة باللعان ولم ينسبه إلى رجل بعينه وعرف النبي صلى الله عليه وسلم شبهه به لأنه ولد على غير فراش وترك النبي أن يلحقه به مثل قوله " وللعاهر الحجر " فجعل ولد العاهر لا يلحق كان العاهر له مدعيا أو غير مدع (قال الشافعي) والمعنى الثاني إذا تنازع الولد رب الفراش والعاهر فالولد لرب الفراش وإن نفى الرجل الولد بلعان فهو منفى وإذا حدث إقرار بعد اللعان فالولد لا حق به لان المعنى الذي نفى به عنه بالتعانه وكذلك إذا أقر بكذبه بالالتعان كان الولد للفراش كما قال رسول الله " ولو أقر به مرة لم يكن له نفيه بعد إقراره باللعان " لان إقراره بكل حق لآدمي مرة يلزمه ولا بخرجه منه شئ غيره وقد قال قائل من غير أهل العلم لا أنفى الولد باللعان وأجعل الولد لزوج المرأة بكل حال لان النبي قال " الولد للفراش " وقوله الولد للفراش حديث مجمع عليه ونفى الولد عن رب الفراش حديث يخالف الولد للفراش قال وحديث " الولد للفراش " ثابت وكذلك حديث نفى الولد باللعان والحديث أن النبي نفى الولد عن المتلاعنين وألحقه بأمه أوضح معنى وأحرى أن لا يكون فيه شبهة من حديث " الولد للفراش " لأنه إذا نص الحديث في الولد للفراش فإنما هو أن رجلين تنازعا ولدا أحدهما يدعيه لرب أمه الواطئ لها بالملك. والآخر يدعيه لرجل وطئ تلك الأمة بغير ملك ولا نكاح فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسبه لمالك الأمة أفرأيت لو قال لنا قائل: إذا كان مثل هذا فالولد للفراش لان رسول الله إنما ألحقه بالفراش بالدعوى لصاحب الفراش وإذا لم يكن هذا فولد مولود على فراش رجل لم ألحقه به إلا بدعوى يحدثها له هل الحجة عليه إلا أن معقولا في الحديث أن يثبت النسب بالحلال ولا يثبت بالحرام وإن لم يكن نصا بأن الولد للفراش بدعوة رب الفراش وأن يكون يدعيه له من تجوز دعوته عليه فحديث إلحاق الولد بالمرأة بين بنفسه لا يحتاج فيه إلى تفسير من غيره فلا يحتمل تأويلا ولم أعلم فيه مخالفا من أهل العلم (قال الشافعي) أرأيت لو أن رجلا عمد إلى سنة لرسول الله فخالفها أو إلى أمر عرف عوام من العلماء مجتمعين عليه لم يعلم لهم فيه منهم مخالفا فعارضه أيكون له حجة بخلافه أم يكون بها جاهلا يجب عليه أن يتعلم؟ لأنه لو جاز هذا لاحد كان لكل أحد أن ينقض كل حكم بغير سنة وبغير اختلاف من أهل العلم؟ فمن صار إلى مثل ما وصفت من أن لا ينفى الولد بلعان خالف سنة رسول الله. ثم ما أعلم المسلمين اختلفوا فيه ثم من أعجب أمر قائل هذا القول أنه يدعى القول بالاجماع وإبطال غيره فما يعدو أن يكون يكون رجلا لا يعرف إجماعا ولا افتراقا في هذا أو يكون رجلا لا يبالي ما قال.
(٥٤٨)