في امرئ أراد التقرب إلى الله بشئ يتعجله مبادرة ما لا يخلو منه الآدميون من النسيان والشغل ومقدم الصلاة أشد فيها تمكنا من مؤخرها وكانت الصلاة المقدمة من أعلى أعمال بني آدم وأمرنا بالتغسيل بها لما وصفنا قال فأبن أن حديثك الذي ذهبت إليه أثبتهما قلت حديث عائشة وزيد بن ثابت وثالث معهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتغليس أثبت من حديث رافع بن خديج وحده في أمره بالاسفار فإن رسول الله لا يأمر بأن تصلى صلاة في وقت ويصليها في غيره (قال الشافعي) وأثبت الحجج وأولاها ما ذكرنا من أمر الله بالمحافظة على الصلوات ثم قول رسول الله " أول الوقت رضوان الله " وقوله إذ سئل أي الأعمال أفضل؟ قال " الصلاة في أول وقتها " قال فقال فيخالف حديث رافع بن خديج حديثكم في التغليس قلت إن خالفه فالحجة في أخذنا بحديثنا ما وصفت وقد يحتمل أن لا يخالفه بأن يكون الله أمرنا بالمحافظة على الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ذلك أفضل الأعمال وأنه رضوان الله " فلعل من الناس من سمعه فقدم الصلاة قبل أن يتبين الفجر فأمرهم أن يسفروا حتى يتبين الفجر الآخر فلا يكون معنى حديث رافع ما أردت من الاسفار ولا يكون حديثه مخالفا حديثنا قال فما ظاهر حديث رافع؟ قلت الامر بالاسفار لا بالتغليس وإذا احتمل أن يكون موافقا للأحاديث كان أولى بنا أن لا ننسبه إلى الاختلاف وإن كان مخالفا فالحجة في تركنا إياه بحديثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما وصفت من الدلائل معه.
باب رفع الأيدي في الصلاة حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ولا يرفع بين السجدتين. أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب قال سمعت أبي يقول حدثني وائل ابن حجر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وبعد ما يرفع رأسه قال وائل ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس (قال الشافعي) وروى هذا الحديث أبو حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدقوه معا (قال الشافعي) رحمه الله:
وبهذا نقول فنقول إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه وإذا أراد أن يركع رفعهما وكذلك أيضا إذا رفع رأسه من الركوع ولا يرفع يديه في شئ من الصلاة غير هذه المواضع (قال الشافعي) رحمه الله: وبهذه الأحاديث تركنا ما خالفها من الأحاديث (قال الشافعي) لأنها أثبت إسنادا منه وأنها عدد والعدد أولى بالحفظ من الواحد فإن قيل فإنا نراه رأى المصلى يرخى يديه فلعله أراد رفعهما فلو كان رفعهما مدا احتمل مدا حتى المنكبين واحتمل ما يجاوزه ويجاوز الرأس ورفعهما ولا يجاوز المنكبين وهذا حذو حتى يحاذي منكبيه وحديثنا عن الزهري أثبت إسنادا ومعه عدد يوافقونه ويحددونه تحديدا لا يشبه الغلط والله أعلم. فإن قيل أفيجوز أن يجاوز المنكبين؟
قيل لا ينقص الصلاة ولا يوجب سهوا والاختيار أن لا يجاوز المنكبين.
باب الخلاف فيه حدثنا الربيع قال (قال الشافعي) فخالفنا بعض الناس في رفع اليدين في الصلاة فقال إذا افتتح الصلاة المصلى رفع يديه حتى يحاذي أذنيه ثم لا يعود يرفعهما في شئ من الصلاة واحتج بحديث رواه يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن