فانطلق فنحر وحلق ففعلوا قال فما قوله " ليس من البر الصيام في السفر؟ " قلت قد أتى به جابر مفسرا فذكر أن رجلا أجهده الصوم فلما علم النبي به قال " ليس من البر الصيام في السفر " فاحتمل ليس من البر أن يبلغ هذا رجل بنفسه في فريضة صوم ولا نافلة وقد أرخص الله له وهو صحيح أن يفطر فليس من البر أن يبلغ هذا بنفسه ويحتمل ليس من البر المفروض الذي من خالفه أثم قال فكعب بن عاصم لم يقل هذا قلت كعب روى حرفا واحدا وجابر ساق الحديث وفى صوم النبي دلالة على ما وصفت وكذلك في أمر حمزة بن عمرو إن شاء صام وإن شاء أفطر " وفى قول أنس سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم قال فقد روى سعيد أن النبي قال " خياركم الذين إذا سافروا أفطروا وقصروا الصلاة " قلت وهذا مثل ما وصفت خياركم الذين يقبلون الرخصة لا يدعونها رغبة عنها لا أن قبول الرخصة حتم يأثم به من تركه قال فما أمر عمر رجلا صام في السفر أن يعيد قلت لا أعرفه عنه وإن عرفته فالحجة ثابتة بما وصفت لك وأصل ما نذهب إليه أن ما ثبت عن رسول الله فالحجة لا زمة للخلق به وعلى الخلق اتباعه وقلت له من أمر المسافر أن يقضى الصوم فمذهبه والله أعلم أنه رأى الآية حتما بفطر المسافر والمريض ومن رآها حتما قال المسافر منهى عن الصوم فإذا صامه كان صيامه منهيا عنه فيعيده كما لو صام يوم العيدين من وجب عليه كفارة وغيرها أعادهما فقد أبنا دلالة السنة أن الآية رخصة لا حتم قال فما قول ابن عباس يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول الله؟ فقلت روى أنه صام وأفطر فقال ابن عباس أو من روى عن ابن عباس هذا برأيه وجاء غيره في الحديث بما لم يأت به من أن فطره كان لامتناع من أمره بالفطر من الفطر حتى أفطر وجاء غيره بما وصفت في حمزة بن عمرو وهذا مما وصفت أن الرجل يسمع الشئ فيتناوله ولا يسمع غيره ولا يمتنع من علم الامرين أن يقول بهما معا.
(باب قتل الأسارى والمفاداة بهم والمن عليهم) حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال أسر أصحاب رسول الله رجلا من بنى عقيل وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ففداه النبي بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف قال وقد روى عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري لا يحضرني ذكر من فوقه في الاسناد أن خيلا للنبي صلى الله عليه وسلم أسرت ثمامة بن أثال الحنفي فأتى به مشركا فربطه النبي صلى الله عليه وسلم إلى سارية من سواري المسجد ثلاثا ثم من عليه وهو مشرك فأسلم بعد (قال الشافعي) وأخبرني عدد من أهل العلم من قريش وغيرهم من أهل المغازي أن رسول الله أسر النضر بن الحرث العبدري يوم بدر وقتله بالبادية أو بين البادية والأثيل صبرا. حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرني عدد من أهل العلم أن رسول الله أسر عقبة بن أبي معيط يوم بدر فقتله صبرا وأن رسول الله أسر سهبل بن عمرو وأبا وداعة السهمي وغيرهما ففاداهما بأربعة آلاف أربعة آلاف وفادى بعضهم بأقل وأن رسول الله أسر أبا عزة الجمعي يوم بدر فمن عليه ثم أسره يوم أحد فقتله صبرا (قال الشافعي) فكان فيما وصفت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن للامام إذا أسر رجلا من المشركين أن يقتل أو أن يمن عليه بلا شئ أو أن يفادى بمال يأخذه منهم أو أن يفادى بأن يطلق منهم على أن يطلق له بعض أسرى المسلمين لا أن بعض هذا ناسخ لبعض ولا مخالف له إلا من جهة إباحته ولا يقال لشئ من الاحكام مختلف مطلقا إلا ما قال حاكم حلال وحاكم حرام فأما ما كان واسعا فيقال هو مباح وكل من صنع فيه شيئا وإن خالف فعل صاحبه فهو فاعل ما يجوز له كما يكون القائم مخالفا للقاعد والماشي مخالفا للقائم وكل ذلك مباح لا أن حتما على الماشي أن يقوم ولا على القائم أن يقعد