فإن قيل فهل لقوله فلم تحسب شيئا وجه؟ قيل له الظاهر فلم تحسب تطليقة وقد يحتمل أن تكون لم تحسب شيئا صوابا غير خطأ يؤمر صاحبه أن لا يقيم عليه ألا ترى أنه يؤمر بالمراجعة ولا يؤمر بها الذي طلق طاهرا امرأته كما يقال للرجل أخطأ في قوله أو أخطأ في جواب أجاب به لم يصنع شيئا صوابا.
باب بيع الرطب باليابس من الطعام حدثنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت؟ قال له سعد أيهما أفضل، فقال البيضاء فنهى عن ذلك وقال: سمعت رسول الله يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله " أينقص الرطب إذا يبس؟ " قالوا: نعم فنهى عن ذلك. أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله نهى عن المزابنة والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا. أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بكيلها تمرا يأكلها أهلها رطبا. أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه وعن بيع الثمر بالتمر قال عبد الله ابن عمر وحدثنا زيد بن ثابت أن رسول الله أرخص في بيع العرايا (قال الشافعي) وبهذا كله نأخذ وليس فيه حديث يخالف صاحبه إنما النهى عن المزابنة وهي كل بيع كان من صنف واحد من الطعام بيع منه كيل معلوم بجزاف وكذلك جزاف بجزاف لان بينا في سنة رسول الله أن يكون الطعام بالطعام من صنفه معلوما عند البائع والمشترى مثلا بمثل ويدا بيد والجزاف بالكيل والجزاف بالجزاف مجهول وأصل نهى النبي عن بيع الرطب بالتمر لان الرطب ينقص إذا يبس في معنى المزابنة إذا كان ينقص إذا يبس فهو تمر بتمر أقل منه وهو لا يصلح بأقل منه وتمر بتمر لا يدرى كم مكيلة أحدهما من الآخر الرطب إذا يبس فصار تمرا لم يعلم كم قدره من قدر التمر وهكذا قلنا لا يصلح كل رطب بيابس في حال من الطعام إذا كانا من صنف واحد ولا رطب برطب لان رسول الله إنما نهى عن بيع الرطب بالتمر لان الرطب ينقص ونظر في المتعقب من الرطب وكذلك لا يجوز رطب برطب لان نقصهما يختلف لا يدرى كم نقص هذا ونقص هذا فيصير مجهولا بمجهول وسواء كان الرطب بالرطب من الطعام من نفس خلقته أو رطبا بل بغير مبلول (قال الشافعي) وإذا رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا وهي رطب بتمر كان نهيه عن الرطب بالتمر والمزابنة عندنا والله أعلم من الجمل التي مخرجها عام وهي يراد بها الخاص والنهى عام على ما عدا العرايا والعرايا مما لم تدخل في نهيه لأنه لا ينهى عن أمر يأمر به إلا أن يكون منسوخا ولا نعلم ذلك منسوخا والله أعلم (قال الشافعي) والعرايا أن يشترى الرجل ثمر النخلة وأكثر بخرصه من التمر بخرص الرطب رطبا ثم يقدر كم ينقص إذا يبس ثم يشترى بخرصه تمرا يقبض التمر قبل أن يتفرق البائع والمشترى فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع كما يفسد في الصرف ولا يشترى رجل من العرايا إلا ما كان خرصه تمرا أقل من خمسة أوسق فإذا كان أقل من خمسة أوسق بشئ وإن قل جاز فيه البيع فإن قال قائل كيف يجوز البيع فيما دون خمسة أوسق ولا يجوز فيما هو أكثر منها؟ قيل: يجوز بما أجازه به رسول الله الذي فرض الله طاعته ولم يجعل لاحد أن يقول معه إلا باتباعه ويرد بما رده به عليه السلام. حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله أرخص في بيع العرايا ما دون خمسة أوسق أو في خمسة