(باب في المرور بين يدي المصلى) حدثتا الربيع قال (قال الشافعي) حدثنا مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد راهقت الاحتلام ورسول الله يصلى بالناس فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت فأرسلت حماري يرتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك على أحد. حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن كثير بن كثير عن بعض أهله عن المطلب بن أبي وداعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (1) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وليس بعد شئ من هذا مختلفا وهو والله أعلم من الأحاديث المؤداة لم يتقص المؤدى لها أسبابها وبعضها يدل على بعض وأمر رسول الله المصلى أن يستتر بالدنو من السترة اختيار لا أنه إن لم يفعل فسدت صلاته ولا أن شيئا يمر بين يديه يفسد صلاته لأنه صلى الله عليه وسلم قد صلى في المسجد الحرام والناس يطوفون بين يديه وليس بينه وبينهم سترة وهذه صلاة انفراد لا جماعة وصلى بالناس بمنى صلاة جماعة إلى غير سترة لان قول ابن عباس إلى غير جدار يعنى والله أعلم إلى غير سترة ولو كانت صلاته تفسد بمرور شئ بين يديه لم يصل إلى غير سترة ولا أحد وراءه يعلمه وقد مر ابن عباس على أتان بين يدي بعض الصف الذي وراء رسول الله فلم ينكر ذلك عليه أحد وهكذا والله أعلم أمره بالخط في الصحراء اختيار وقوله لا يفسد الشيطان عليه صلاته أن يلهو ببعض ما يمر بين يديه فيصير إلى أن يحدث ما يفسدها لمرور ما يمر بين يديه وكذلك ما يكره للمار بين يديه ولعل تشديده فيها إنما هو على تركهم نهيه عنه والله أعلم وقوله " إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فليس عليكم جناح أن تمروا بين يديه " يدل على أن ذلك لا يقطع على المصلى صلاته ولو كان يقطع عليه صلاته ما أباح لمسلم أن يقطع صلاة مسلم وهكذا من معنى مرور الناس بين يدي رسول الله وهو يصلى والناس في الطواف ومن مرور ابن عباس بين يدي بعض من يصلى معه بمنى لم ينكر عليه وفيه دليل على أنه يكره أن يمر بين يدي المصلى المستتر ولا يكره أن يمر بين يدي المصلى الذي لا يستتر وقوله صلى الله عليه وسلم في المستتر " إذا مر بين يديه فليقاتله " يعنى فليدفعه فإن قال قائل فقد روى أن مرور الكلب والحمار يفسد صلاة المصلى إذا مرا بين يديه قيل لا يجوز إذا روى حديث واحد أن رسول الله قال " يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار " وكان مخالفا لهذه الأحاديث فكان كل واحد منها أثبت منه ومعها ظاهر القرآن أن يترك إن كان ثابتا إلا بأن يكون منسوخا ونحن لا نعلم المنسوخ حتى نعلم الآخر ولسنا نعلم الآخر أو يرد ما يكون غير محفوظ وهو عندنا غير محفوظ لان النبي صلى وعائشة بينه وبين القبلة وصلى وهو حامل أمامة يضعها في السجود ويرفعها في القيام ولو كان ذلك يقطع صلاته لم يفعل واحدا من الامرين وصلى إلى غير سترة وكل واحد من هذين الحديثين يرد ذلك الحديث لأنه حديث واحد وإن أخذت فيه أشياء فإن قيل فما يدل عليه كتاب الله من هذا؟ قيل قضاء الله " أن لا تزر وازرة وزر أخرى " والله أعلم أنه لا يبطل عمل رجل عمل غيره وأن يكون سعى كل لنفسه وعليها فلما كان هذا هكذا لم يجز أن يكون مرور رجل يقطع صلاة غيره.
(٥١٢)