أشياء قد كانت ثم نسخها الله فذلك كما قال وقد بين الله ما نسخها وبينه رسول الله أفيجوز أن يقال لما قال رسول الله هو منسوخ بلا خبر عن رسول الله أنه منسوخ؟ فإن قال: لا قيل فأين الخبر أن رسول الله رفع اليد في الصلاة؟ فإن قال فلعله كان ولم يحفظ قيل أفيجوز في كل خبر رويته عن النبي أن يقال قد كان هذا ولعله منسوخ فيرد علينا أهل الجهالة السنن ب " لمعله " (قال الشافعي) وإن كان تركك أحاديث رسول الله بمثل ما وصفت من هذا المذهب الضعيف فكيف لمنا ولاموا من ترك من الأحاديث شيئا من أهل الكلام الذين يعتلون في تركها بأحسن وأقوى من هذا المذهب الضعيف.
باب صلاة المنفرد حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن حصين أظنه عن هلال بن يساف سمع ابن أبي بردة قال أخذ بيدي زياد بن أبي الجعد فوقف بي على شيخ بالرقة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له وابصة بن معبد فقال أخبرني هذا الشيخ أن رسول الله رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة " قال الشافعي " وقد سمعت من أهل العلم بالحديث من يذكر أن بعض المحدثين يدخل بين هلال بن يساف ووابصة فيه رجلا ومنهم من يرويه عن هلال عن وابصة سمعه منه وسمعت بعض أهل العلم منهم كأنه يوهنه بما وصفت وسمعت من يروى بإسناد حسن أن أبا بكرة ذكر للنبي أنه ركع دون الصف فقال له النبي " زادك الله حرصا ولا تعد " فكأنه أحب له الدخول في الصف ولم ير عليه العجلة بالركوع حتى يلحق بالصف ولم يأمره بالإعادة بل فيه دلالة على أنه رأى ركوعه منفردا مجزئا عنه ومن حديثنا حديث ثابت أن صلاة المنفرد خلف الامام تجزئه فلو ثبت الحديث الذي يروى عن وابصة كان حديثنا أولى أن يؤخذ به لان معه القياس وقول العامة فإن قال قائل: وما القياس وقول العامة؟ قيل أرأيت صلاة الرجل منفردا أتجرئ عنه؟. فإن قال: نعم قلت وصلاة الامام أمام الصف وهو في صلاة جماعة؟ فإن قال: نعم قيل فهل يعدو المنفرد خلف المصلى أن يكون كالامام المنفرد أمامه أو يكون كرجل منفرد يصلى لنفسه منفردا؟ فإن قيل فهكذا سنة موقف الامام والمنفرد قيل فسنة موقفهما تدل على أن ليس في الانفراد شئ يفسد الصلاة فإن قال بالحديث فيه قيل في الحديث ما ذكرنا فإن قيل فاذكر حديثك. قيل أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت النبي إلى طعام صنعته فأكل منه ثم قال " قوموا فلأصلي لكم " قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بالماء فقام عليه رسول الله وصففت أنا واليتم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن إسحاق بن عبد الله أنه سمع عمه أنس بن مالك يقول صليت أنا ويتيم لنا خلف النبي في بيتنا وأم سلمة خلفنا (قال الشافعي) فأنس يحكى أن امرأة صلت منفردة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فرق في هذا بين امرأة ورجل فإذا أجزأت المرأة صلاتها مع الامام منفردة أجزأ الرجل صلاته مع الامام منفردا كما تجزئها هي صلاتها.