في نفس امرئ من قول الله " وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " قيل له إن الله جل ثناؤه منع الحرم قتل الصيد فقال " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " الآية وقال في الآية الأخرى " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم " فاحتمل أن يصيدوا صيد البحر وأن يأكلوه إن لم يصيدوه وأن يكون ذلك طعامه ثم لم يختلف الناس في أن للمحرم أن يصيد صيد البحر ويأكل طعامه وقال في سياقها " وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " فاحتمل أن لا تقتلوا صيد البر ما دمتم حرما وأشبه ذلك ظاهر القرآن والله أعلم ثم دلت السنة على أن تحريم الله صيد البر في حالين أن يقتله رجل وأمر في ذلك الموضع بأن يفديه وأن لا يأكله إذا أمر بصيده فكان أولى المعاني بكتاب الله ما دلت عليه سنة رسول الله وأولى المعاني بنا أن لا تكون الأحاديث مختلفة لان علينا في ذلك تصديق خبر أهل الصدق ما أمكن تصديقه وخاص السنة إنما هو خبر خاصة لا عامة.
باب خطبة الرجل على خطبة أخيه حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله قال " لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه " أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي مثله قال وقد زاد بعض المحدثين " حتى يأذن أو يترك ". أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله قال لها في عدتها من طلاق زوجها " فإذا حللت فآذنيني " قالت فلما حللت فأخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباني فقال رسول الله " أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه انكحي أسامة ابن زيد " قالت فكرهته فقال " انكحي أسامة " فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به (قال الشافعي) وحديث فاطمة غير مخالف حديث ابن عمر وأبي هريرة في نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخطب المرء على خطبة أخيه وحديث ابن عمر وأبي هريرة مما حفظت جملة عامة يراد بها الخاص والله أعلم لان رسول الله لا ينهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه في حال يخطب هو فيها على غيره ولكن نهيه عنها في حال دون حال فإن قال قائل فأي حال نهى عن الخطبة فيها؟ قيل والله أعلم أما الذي تدل عليه الأحاديث فإن نهيه عن أن يخطب على خطبة أخيه إذا أذنت المرأة لوليها أن يزوجها لان رسول الله رد نكاح خنساء بنت خذام وكانت ثيبا فزوجها أبوها بلا رضاها فسلت السنة على أن الولي إذا زوج قبل إذن المرأة المزوجة كان النكاح باطلا وفى هذا دلالة على أنه إذا زوج بعد رضاها كان النكاح ثابتا وتلك الحال التي إذا زوجها فيها الولي ثبت عليها فيها النكاح ولا يجوز فيه والله أعلم غير هذا لأنه لا حالين لها يختلف حكمها في النكاح فيهما غيرهما وفاطمة لم تعلم رسول الله إذنها في أن تزوج معاوية ولا أبا جهم ولم يرو أن النبي نهى معاوية ولا أبا جهم أن يخطب أحدهما بعد الآخر ولا أحسبهما خطباها إلا مفترقين أحدهما قبل الآخر قال فإن كانت المرأة بكرا يزوجها أبوها أو أمة يزوجها سيدها فخطبت فلا ننهى أحدا أن يخطبها على خطبة غيره حتى يعده الولي أن يزوجه لان رضا الأب والسيد فيهما كرضاهما في أنفسهما قال: فقال لي قائل أن بعض أصحابك ذهب إلى أن قال إنما نهى عن الخطبة إذا ركنت المرأة فقلت هذا كلام لا معنى له أفرأيت إن كان ذهب إلى أنها إذا ركنت أشبه بالنكاح منها قبل أن تركن فقيل له أفرأيت إن خطبها رجل فشتمته وآذته ثم عاد فتركت شتمه وسكتت ثم عاد فقالت أنظر أليست في كل حال من هذه الأحوال أقرب إلى أن تكون رضيت (م 80 8)