الله عليه وسلم " بما أهللت؟ " فقال أحدهما لبيك إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر لبيك حجة النبي صلى الله عليه وسلم. أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج أخبرنا سفيان عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج. حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال " إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر " (قال الشافعي) وليس مما وصفت من هذه الأحاديث المختلفة شئ أحرى إلا أن يكون متفقا من وجه أو مختلفا من وجه لا ينسب صاحبه إلى الغلط باختلاف (1) من حديث أنس ومن قال قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم ممن قال كان ابتداء إحرامه حجا لا عمرة معه لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة قال ولم يختلف في شئ من السنن الاختلاف في هذا من وجه أن مباح وإن كان الغلط فيه قبيحا مما حمل من الاختلاف ومن فعل شيئا مما قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم فعله كان له واسعا لان الكتاب ثم السنة ثم ما لا أعلم فيه خلافا يدل على أن التمتع بالعمرة إلى الحج وإفراد الحج والقران واسع كله (قال الشافعي) وأشبه الرواية أن يكون محفوظا في حج النبي صلى الله عليه وسلم رواية جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لا يسمى حجا ولا عمرة وطاووس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج محرما ينتظر القضاء لان رواية يحيى بن سعيد عن قاسم وعمرة عن عائشة توافق روايته وهؤلاء تقصوا الحديث ومن قال أفرد الحج فيشبه والله أعلم أن يكون قاله على ما يعرف من أهل العلم الذين أدرك دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدا لا يكون مقيما على حج إلا وقد ابتدأ إحرامه بالحج (قال الشافعي) وأحسب أن عروة حين حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بحج إنما ذهب إلى أنه سمع عائشة تقول فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وذكر أن عائشة أهلت بعمرة إنما ذهب إلى أن عائشة قالت ففعلت في عمرتي كذا لا أنه خالف خلافا بينا لحديث جابر وأصحابه في قول عائشة ومنا من جمع الحج والعمرة (قال الشافعي) فإن قال قائل قرن الصبي ابن معبد فقال له عمر بن الخطاب هديت لسنة نبيك قيل له حكى له أن رجلين قالا له هذا أضل من جملة فقال هديت لسنة نبيك إن من سنة نبيك أن القران والافراد والعمرة هدى لا ضلال فإن قال قائل فما دل على هذا؟ قيل: أمر عمر بأن يفصل بين الحج والعمرة وهو لا يأمر إلا بما يسع و يجوز في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ما يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإفراده الحج (قال الشافعي) فإن قيل فما قول حفصة للنبي صلى الله عليه وسلم ما بال الناس حلوا ولم تحلل من عمرتك؟ قيل: أكثر الناس لم يكن معه هدى وكانت حفصة معهم فأمروا أن يجعلوا إحرامهم عمرة ويحلوا فقالت لم حل الناس ولم تحل من عمرتك؟ تعنى من إحرامك الذي ابتدأته وهم بنية واحدة قال عليه السلام " لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر بدني " يعنى والله أعلم حتى يحل الحاج لان القضاء نزل عليه أن يجعل من كان معه هدى إحرامه حجا وهذا من سعة لسان العرب الذي تكاد تعرف ما الجواب فيه فإن قال قائل فمن أين ثبت حديث عائشة وجابر وابن عمر وطاوس دون حديث من قال قرن؟ قيل: لتقدم صحبة جابر وحسن سياقه لابتداء الحديث وآخره وقرب عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وفضل حفظها عنه وقرب ابن عمر منه ولان من وصف انتظار النبي عليه السلام القضاء إذ لم يحج من المدينة بعد نزول فرض الحج قبل حجته حجة الاسلام طلب الاختيار فيما وسع له فيه من الحج والعمرة يشبه أن يكون حفظ عنه لأنه قد أتى في المتلاعنين فانتظر القضاء فيهما وكذلك حفظ عنه في غيرهما والله أعلم.
(٥٦٨)