باب الخلاف في هذا الباب حدثنا الربيع قال (قال الشافعي) فخالفنا بعض أهل ناحيتنا وغيرهم فقال يصلى على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح ما لم تقارب الشمس أن تطلع وما لم تتغير الشمس واحتج في ذلك بشئ رواه عن ابن عمر يشبه بعض ما قال (قال الشافعي) وابن عمر إنما سمع من النبي النهى أن يتحرى أحد فيصلى عند طلوع الشمس وعند غروبها ولم أعلمه روى عنه النهى عن الصلاة بعد العصر ولا بعد الصبح فذهب ابن عمر إلى أن النهى مطلق على كل شئ فنهى عن الصلاة على الجنائز لأنها صلاة في هذين الوقتين وصلى عليها بعد الصبح وبعد العصر لأنا لم نعلمه روى النهى عن الصلاة في هذه الساعات (قال الشافعي) فمن نهى علم أن النبي نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر كما نهى عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها لزمه أن يعلم ما قلت من أنه إنما نهى عنها فيما لا يلزم ومن روى فعلم أن النبي صلى بعد العصر ركعتين كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما وأقر قيسا على ركعتين بعد الصبح لزمه أن يقول نهى عنها فيما لا يلزم ولم ينه الرجل عنه فيما اعتاد من صلاة النافلة وفيما يؤكد منها ومن ذهب هذا عليه وعلم أن النبي نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فلا يجوز له أن يقول إلا بما قلنا به أو ينهى عن الصلاة على الجنائز بعد الصبح وبعد العصر بكل حال (قال الشافعي) وذهب أيضا إلى أن لا يصلى أحد للطواف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس واحتج بأن عمر بن الخطاب طاف بعد الصبح ثم نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذى طوى فصلى (قال الشافعي) رحمه الله: فإن كان عمر كره الصلاة في تلك الساعة فهو مثل مذهب ابن عمر وذلك أن يكون علم أن رسول الله نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر فرأى نهيه مطلقا فترك الصلاة في تلك الساعة حتى طلعت الشمس ويلزم من قال هذا أن يقول لا صلاة في جميع الساعات التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها لطواف ولا على جنازة وكذلك يلزمه أن لا يصلى فيها صلاة فائتة وذلك من حين يصلى الصبح إلى أن تبرز الشمس وحين يصلى العصر إلى أن يتتام مغيبها ونصف النهار إلى أن تزول الشمس (قال الشافعي) وفى هذا المعنى أن أبا أيوب الأنصاري سمع النبي ينهى أن تستقبل القبلة أو بيت المقدس بحاجة الانسان قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد صنعت فننحرف ونستغفر الله وعجب ابن عمر ممن يقول لا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس بحاجة الانسان وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته (قال الشافعي) رحمه الله: علم أبو أيوب النهى فرآه مطلقا وعلم ابن عمر استقبال النبي صلى الله عليه وسلم بحاجته ولم يعلم النهى فرد النهى ومن علمهما معا قال النهى عن استقبال القبلة وبيت المقدس في الصحراء التي لا ضرورة على ذاهب فيها ولا ستر فيها لذاهب لان الصحراء ساحة يستقبله المصلى أو يستدبره فترى عورته إن كان مقبلا أو مدبرا وقال لا بأس بذاك في البيوت لضيقها وحاجة الناس إلى المرفق فيها وسترها وأن أحدا لا يرى من كان فيها إلا أن يدخل أو يشرف عليه (قال الشافعي) وفى هذا المعنى أن أسيد بن حضير وجابر بن عبد الله صليا مريضين قاعدين بقوم أصحاء فأمراهم بالقعود معهما وذلك أنهما والله أعلم علما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأمرهم بالجلوس فأخذا به وكان حقا عليهما ولا شك أن قد عزب عليهما أن النبي صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا وأبو بكر إلى جنبه قائما والناس من ورائه قياما فنسخ (م 75 8)
(٥٠٥)