قالت رأيت وبيص الطيب في مفارق رسول الله بعد ثلاث. أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال أخبرنا عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال كنا عند رسول الله بالجعرانة فأتاه رجل وعليه مقطعة يعنى جبة وهو مضمخ بالخلوق فقال يا رسول الله إني أحرمت بالعمرة وهذه على؟ فقال له رسول الله " ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك ". أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال نهى رسول الله أن يتزعفر الرجل (قال الشافعي) وبهذا كله نأخذ فنرى جائزا للرجل والمرأة أن يتطيبا بالغالية وغيرها مما يبقى ريحه بعد الاحرام إذا كان تطيب به قبل الاحرام ونرى إذا رمى الجمرة وحلق وقبل أن يفيض أن الطيب حلال له وننهى الرجل حلالا بكل حال أن يتزعفر ونأمره إذا تزعفر غير محرم أن يغسل الزعفران عنه وكذلك نأمره إذا تزعفر قبل أنى حرم ثم أحرم وبه أثر الزعفران أن يغسل الزعفران نفسه للاحرام وإنما قلنا هذا لان الدلالة عن رسول الله تشبه أن يكون لم يأمره بغسل الصفرة إلا أنه نهى أن يتزعفر الرجل وأن رسول الله أمر غير محرم أن يغسل الصفرة عنه ولم يأمره لكراهية الطيب للمحرم إذا كان التطيب وهو حلال لأنه تطيب حلالا بما بقي عليه ريحه محرما (قال الشافعي) ونأمر المحرم إذا هو حلق أن يتطيب كما نأمره أن يلبس على معنى إن شاء إباحة له لا إيجابا عليه ونبيح له الصيد إن خرج من الحرم.
باب الخلاف في تطيب المحرم للاحرام حدثنا الربيع قال (قال الشافعي) فخالفنا بعض أهل ناحيتنا في الطيب قبل الاحرام وبعد الرمي والحلاق وقبل طواف الزيارة فقال لا يتطيب بما يبقى ريحه عليه ولا بأس أن يدهن قبل الاحرام بما لا يبقى ريحه عليه وإن بقي لينه في رأسه ولحيته وإذهابه الشعث قال وكان الذي ذكر واحتج به أن عمر بن الخطاب أمر معاوية وأحرم معه فوجد منه ريحا طيبا فأمره أن يغسل الطيب وأنه قال من رمى الجمرة وحلق فقد حل له ما حرم الله عليه إلا النساء والطيب (قال الشافعي) وسالم بن عبد الله أفقه وأحمد مذهبا من قائل هذا القول. أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله وربما قال عن أبيه وربما لم يقله قال: قال عمر إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ حرم عليكم إلا النساء والطيب قال سالم وقالت عائشة أنا طيبت رسول الله لاحرامه قبل أن يحرم ولحله بعد أن رمى الجمرة وقبل أن يزور قال سالم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع (قال الشافعي) ما دريت إلى أي شئ ذهب من خالفنا في تطييب المحرم اتهم الرواية عن النبي فهي عن النبي أثبت من الرواية عن عمر يرويها عطاء وعروة والقاسم وغيرهم عن عائشة وإنما تلك الرواية من حديث رجلين عن ابن عمر عن عمر وإن جاز أن تتهم رواية هؤلاء الرجال مع كثرتهم عن عائشة عن النبي جاز ذلك في الرواية عن ابن عمر عن عمر وليس يشك عالم إلا مخطئ أن ما روى عن النبي أولى أن يؤخذ به وقائل هذا يخالف بعض ما روى عن عمر بن الخطاب في هذا عمر يبيح ما حرمه الاحرام إذا رمى وحلق إلا النساء والطيب وهو يحرم الصيد خارجا من الحرم وهو مما أباح عمر فيخالف عمر لرأى نفسه ويتبعه ويخالف به ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مع كثرة خلافه عمر لرأى نفسه ورأي بعض أصحاب النبي قال: ولم أعلم له مذهبا إلا أن يكون شبه عليه بحديث يعلى بن أمية في أن يغسل المحرم أثر الصفرة عنه فإن قال قائل: فهل يخالف حديث يعلى حديث عائشة؟ قيل: لا إنما أمره النبي بالغسل فيما نرى والله أعلم للصفرة عليه وإنما نهى أن يتزعفر الرجل ولا يجوز أن يكون أمر الاعرابي