اختلاف الحديث - الإمام الشافعي - الصفحة ٥٠٦
هذا أمر النبي بالجلوس وراءه إذ صلى شاكيا جالسا وواجب على كل من علم الامرين معا أن يصير إلى أمر النبي الآخر إذ كان ناسخا للأول أو إلى أمر النبي الدال بعضه على بعض (قال الشافعي) وفى مثل هذا المعنى أن علي بن أبي طالب خطب الناس وعثمان بن عفان محصور فأخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث وكان يقول به لأنه سمعه من النبي وعبد الله بن واقد قد رواه عن النبي وغيرهما فلما روت عائشة أن النبي نهى عنه عند الدافة ثم قال " كلوا وتزودوا وادخروا وتصدقوا " وروى جابر بن عبد الله عن النبي أنه نهى عن لحوم الضحايا بعد ثلاث ثم قال " كلوا وتزودوا وتصدقوا " كان يجب على كان من علم الامرين معا أن يقول نهى النبي عنه لمعنى فإذا كان مثله فهو منهى عنه وإذا لم يكن مثله لم يكن منهيا عنه أو يقول نهى النبي عنه في وقت ثم أرخص فيه بعده والآخر من أمره ناسخ للأول (قال الشافعي) وكل قال بما سمعه من رسول الله وكان من رسول الله ما يدل على أنه قاله على معنى دون معنى أو نسخه فعلم الأول ولم يعلم غيره فلو علم أمر رسول الله فيه صار إليه إن شاء الله (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولهذا أشباه كثيرة في الأحاديث وإنما وضعت هذه الجملة لتدل على أمور غلط فيها بعض من نظر في العلم ليعلم من علمه أن من متقدمي الصحبة وأهل الفضل والدين والأمانة من يعزب عنه من سنن رسول الله الشئ يعلمه غيره ممن لعله لا يقاربه في تقدم صحبته وعلمه ويعلم أن علم خاص السنن إنما هو علم خاص بمن فتح الله له علمه لا أنه عام مشهور كشهرة الصلاة وجمل الفرائض التي كلفتها العامة ولو كان مشهورا شهرة جمل الفرائض ما كان الامر فيما وصفت من هذا أشباهه كما وصفت ويعلم أن الحديث إذا رواه الثقاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك ثبوته وأن لا نعول على حديث ليثبت أن وافقه بعض أصحاب رسول الله ولا يرد لان عمل بعض أصحاب رسول الله عملا يخالفه لان بأصحاب رسول الله والمسلمين كلهم حاجة إلى أمر رسول الله وعليهم اتباعه لا أن شيئا من أقاويلهم تبع ما روى عنه ووافقه يزيد قوله شدة ولا شيئا خالفه من أقاويلهم يوهن ما روى عنه الثقة لان قوله المفروض اتباعه عليهم وعلى الناس وليس هكذا قول بشر غير رسول الله (قال الشافعي) رحمه الله: فإن قال قائل أتهم الحديث المروى عن النبي إذا خالفه بعض أصحابه جاز له أن يتهم الحديث عن بعض أصحابه لخلافه لان كلا روى خاصة معا وأن يتهما فما روى عن النبي أولى أن يصار إليه ومن قال منهم قولا لم يروه عن النبي لم يجز لاحد أن يقول إنما قاله عن رسول الله لما وصفت من أنه يعزب عن بعضهم بعض قوله ولم يجز أن نذكره عنه إلا رأبا له ما لم يقله عن رسول الله فإذا كان هكذا لم يجز أن نعارض بقول أحد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو قال قائل:
لا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله لم يحل له خلاف من وضعه هذا الموضع وليس من الناس أحد بعد رسول الله إلا وقد أخذ من قوله وترك أقول غيره من أصحاب رسول الله ولا يجوز في قول رسول الله أن يرد لقول أحد غيره فإن قال قائل: فاذكر لي في هذا ما يدل على ما وصفت فيه؟ قيل له ما وصفت في هذا الباب وغيره مفرقا وجملة ومنه أن عمر بن الخطاب إمام المسلمين والمقدم في المنزلة والفضل وقدم الصحبة والورع والفقه والثبت والمبتدئ بالعلم قبل أن يسأله والكاشف عنه لان قوله حكم يلزم كان يقضى بين المهاجرين والأنصار أن الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره أو كتب إليه الضحاك بن سفيان أن النبي كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته فرجع إليه عمر وترك قوله وكان عمر يقضى أن في الابهام خمس عشرة والوسطى والمسبحة عشرا عشرا وفى التي تلى الخنصر تسعا وفى الخنصر ستا حتى وجد كتاب عند آل عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي صلى الله عليه وسلم " وفى كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل " فترك الناس قول عمر وصاروا إلى كتاب النبي ففعلوا
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاختلاف من جهة المباح 488
2 باب القراءة في الصلاة 488
3 باب في التشهد 488
4 باب في الوتر 489
5 باب سجود القرآن 489
6 باب القصر والاتمام في السفر في الخوف وغير الخوف 490
7 باب الخلاف في ذلك 491
8 باب الفطر والصوم في السفر 492
9 باب قتل الأسارى والمفاداة بهم والمن عليهم 494
10 باب الماء في الماء 495
11 باب الخلاف في أن الغسل لا يجب إلا بخروج الماء 495
12 باب التيمم 496
13 باب صلاة الامام جالسا ومن خلفه قياما 497
14 باب صوم يوم عاشوراء 498
15 باب الطهارة بالماء 499
16 باب الساعات التي تكره فيها الصلاة 503
17 باب الخلاف في هذا الباب 505
18 باب أكل الضب 508
19 باب المجمل والمفسر 509
20 باب الخلاف بيمن تؤخذ منه الجزية وفيمن دان دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن 511
21 باب في المرور بين يدي المصلى 512
22 باب خروج النساء إلى المساجد 513
23 باب غسل الجمعة 515
24 باب نكاح البكر 516
25 باب النجش 517
26 باب في بيع الرجل على بيع أخيه 517
27 بيع الحاضر للبادي 518
28 باب تلقى السلع 518
29 باب عطية الرجل لولده 519
30 باب بيع المكاتب 519
31 باب الضحايا 521
32 باب المختلفات التي يوجد على ما يوجد منها دليل على غسل القدمين ومسحهما 521
33 باب الاسفار والتغليس بالفجر 522
34 باب رفع الأيدي في الصلاة 523
35 باب الخلاف فيه 523
36 باب صلاة المنفرد 525
37 باب المختلفات التي يوجد على ما يؤخذ منها دليل على صلاة الخوف 526
38 باب صلاة كسوف الشمس والقمر 527
39 باب الخلاف في ذلك 527
40 باب من أصبح جنبا في شهر رمضان 528
41 باب الحجامة للصائم 529
42 باب نكاح المحرم 530
43 باب ما يكره في الربا من ا لزيادة في البيوع 531
44 باب من أقيم عليه حد في شئ أربع مرات ثم عاد له 531
45 باب لحوم الضحايا 532
46 باب العقوبات في المعاصي 533
47 باب نكاح المتعة 534
48 باب الخلاف في نكاح المتعة 534
49 باب في الجنائز 535
50 باب في الشفعة 535
51 باب في بكاء الحي على الميت 537
52 باب استقبال القبلة للغائط والبول 538
53 باب الصلاة في الثوب ليس على عاتق المرء منه شئ 539
54 باب الكلام في الصلاة 539
55 باب الخلاف في الكلام في الصلاة ساهيا 540
56 باب القنوت في الصلوات كلها 542
57 باب الطيب للاحرام 542
58 باب الخلاف في تطيب المحرم للاحرام 543
59 باب ما يأكل المحرم من الصيد 544
60 باب خطبة الرجل على خطبة أخيه 545
61 باب الصوم لرؤية الهلال والفطر له 546
62 باب نفى الولد 547
63 باب في طلاق الثلاث المجموعة 549
64 باب طلاق الحائض 550
65 باب بيع الرطب باليابس من الطعام 551
66 باب الخلاف في العرايا 552
67 باب بيع الطعام 553
68 باب المصراة (الخراج بالضمان) 554
69 باب الخلاف في المصراة 555
70 باب كسب الحجام 556
71 باب الدعوى والبينات 557
72 باب الخلاف في هذه الأحاديث 559
73 باب المختلفات التي لا يثبت بعضها من مات ولم يحج أو كان عليه نذر 561
74 باب المختلفات التي لا يثبت بعضها من أعتق شركا له في عيد 562
75 باب الخلاف في هذا الباب 562
76 باب قتل المؤمن بالكافر 564
77 باب الخلاف في قتل المؤمن بكافر 565
78 باب جرح العجماء جبار 566
79 باب المختلفات التي عليها دلالة 567