والإنجيل وقد أخبر الله أنه أنزل غيرهما فقال " أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى " وليس تعرف تلاوة كتب إبراهيم وذكر زبور داود فقال " وإنه لفى زبر الأولين " قال والمجوس أهل كتاب غير التوراة والإنجيل وقد نسوا كتابهم وبدلوه فأذن رسول الله في أخذ الجزية منهم. حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع بجالة يقول ولم يكن عمر بن الخطاب أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى:
ودان قوم من العرب دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن فأخذ رسول الله من بعضهم الجزية فدل ذلك على أن أهل الكتاب الذين أمرنا بقتالهم حتى يعطوا الجزية عن يد أهل التوراة وأهل الإنجيل (1) دون غيرهم فإن قال قائل: هل حفظ أحد أن المجوس كانوا أهل كتاب؟ قلت: نعم أخبرنا سفيان عن أبي سعد سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم قال: قال فروة بن نوفل الأشجعي علام تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل كتاب؟
فقام إليه المستورد فأخذ بلببه فقال يا عدو الله تطعن على أبى بكر وعمر وعلى أمير المؤمنين يعنى عليا وقد أخذوا منهم الجزية فذهب به إلى القصر فخرج على عليهما فقال البدا فجلسنا في ظل القصر فقال على أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه وأن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته فلما صحا جاءوا يقيمون عليه الحد فامتنع منهم فدعا أهل مملكته فقال تعلمون دينا خيرا من دين آدم قد كان آدم ينكح بنيه من بناته فأنا على دين آدم ما يرغب بكم عن دينه؟ فاتبعوه وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم فأصبحوا وقد أسرى على كتابهم فرفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في صدورهم وهم أهل كتاب وقد أخذ رسول الله وأبو بكر وعمر منهم الجزية. قال فهل من دليل على ما وصفت غير ما ذكرت من هذا؟
فقلت: نعم أرأيت إذ أمر الله بأخذ الجزية من الذين أوتوا الكتاب أما في ذلك دلالة على أن لا تؤخذ من الذين لم يؤتوا الكتاب؟ فقال: بلى لأنه إذا قيل خذ من صنف كذا فقد منع من الصنف الذي يخالفه. قلت أرأيت حين أمر الله أن يقاتل المشركون حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله وأمر إذا انسلخ الأشهر الحرم أن يقتل المشركون حيث وجدوا ويؤخذوا ويحصروا ويقعد لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة خلى سبيلهم أما في هذا دلالة على أن في أمر الله أن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب دون أهل الأوثان وأن الفرض في أهل الكتاب غيره في أهل الأوثان؟. قال أما القرآن فيدل على ما وصفت (قال الشافعي) وقلت له وكذلك السنة. فان قال قائل: إن حديث ابن بريدة عام بأن يدعوا إلى إعطاء الجزية فقد يحتمل أن يكون عنى كل مشرك وثنى أو غيره قلت له وحديث أبي هريرة أن النبي قال " لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " عام المخرج فإن قال جاهل بل هو على كل مشرك فلا تؤخذ الجزية من كتابي ولا غيره ولا يقبل منه إلا الاسلام أو القتل هل الحجة عليه إلا كهى على من ذهب إلى جملة حديث ابن بريدة وادعى أن حديث أبي هريرة ناسخ له؟ قال ما لواحد منهما في الحديثين شئ إلا كما لصاحبه مثله لو لم يكن إلا الحديثان.