وذرى رياح، وتحت ظل غمامة (14)، اضمحل في الجو متلفقها، وعفا في الأرض مخطها (15)، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما (16)، وستعقبون (17) مني جثة خلاء
(14) وفى النهج: فأنا كنا في افياء أغصان، ومهب رياح وتحت ظل غمام. يقال: دحض (من باب منع) دحضا القدم: زلت وزلقت، والمراد من دحض القدم قتله (ع) من ضربة العين. والافياء: جمع فئ، وهو الظل ينسخ ضوء الشمس من بعض الأمكنة. والذري: اسم لما ذرته الرياح، وقيل:
المراد محال ذروها، يقال: ذرى يذري ذريا (من باب رمى) وذرا يذرو ذروا (من باب دعا يدعو) وذري تذرية، وأذرى اذراء - الريح التراب، أي أطارته وفرقته، شبه (ع) الانسان وما فيه من حياة الدنيا وزخارفها بفئ أغصان الأشجار وما ذرته الرياح من حيث عدم الثبات وقلة الانتفاع، فإنها مجموعة ساعة ثم يضمحل.
(15) اضمحل السحاب أي تقشع وذهب، ولغة الكلابيين اضمحل - بتقديم الميم -. والمتلفق - بكسر الفاء -: المنضم بعضه إلى بعض، وضمير متلفقها للغمام، وضمير مخطها للرياح، وعفا الأثر، أي امحى واندرس، ومخطها:
ما يحدث في الأرض من الخط الفاصل بين الظل والنور، قال المجلسي (ره):
وفى بعض النسخ محطها - بالحاء المهملة - والحاصل اني ان مت فلا عجب، فاني كنت في أمور فانية شبيهة بتلك الأمور، أولا أبالي فاني كنت في الدنيا غير متعلق بها، كمن كان في تلك الأمور، وكنت دائما مترصدا للانتقال.
(16) إنما خص (ع) المجاورة بالبدن اما لأنها من خواص الأجسام، أو لان روحه (ع) كانت معلقة بالملأ الاعلى وهو بعد في هذه الدنيا، كما قال (ع) في وصف إخوانه: وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى، كما في وصيته (ع) إلى كميل.
(17) وفى النهج: وستعقبون منى جثة خلاء ساكنة بعد حراك، وصامتة بعد نطوق. وفى نسخة ابن أبي الحديد: وصامتة بعد نطق، ستعقبون - بالبناء على المفعول - من الاعقاب وهو اعطاء الشئ عقيب الشئ، يقال: أكل اكلة أعقبته سقما، أي أورثته، والجثة - بالضم -: الجسد والشخص، والحركة والحراك - كسحاب - بمعنى واحد، والكاظم - كالصامت والساكت - لفظا ومعنى - وجمعه كظم - كراكع وركع - والنطق والنطوق والمنطق: التكلم، يقال: نطق (من باب ضرب) نطقا ونطوقا ومنطقا: تكلم.